العلم والعمل
العلم نور الحياة، وسبيل الخير والرفعة والمجد للفرد والأمة، به يعرف الإنسان دينه ودنياه، ويعرف طريقه وغايته.
علوم الدين تعلم الإنسان من ربه، وما هي صفاته، ومن نبيه، وما هي أخلاقه، وما دينه، وبماذا أمره وعن أي شيء نهاه، فيعيش في سلام واطمئنان مع ربه، ومع نفسه، ومع الناس حوله.
والعلوم الأخرى، كالرياضيات والأدب والعلوم وغيرها ضرورية في التعامل مع الحياة وأسرارها، وهي السبب في تقدم الطب والهندسة والصحافة والمواصلات وغير ذلك.
فالعلم بكل فروعه وأصنافه واجب على الأمة.
وكل فرد يتخصص بما يناسبه ويحبه، حتى يكون من الجميع مجتمع متعلم ناهض.
ولقد حثنا الإسلام على العلم في مواضع كثيرة من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال تعالى (وقل رب زدني علمًا)وقال سبحانه(قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً للجنة ،وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما صنع.
وقال الشاعر:
العلم يرفع بيتاً لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف.
وقد أدرك المسلمون الأوائل قيمة العلم، فأقبلوا على دراسته، وكانت المساجد تزدحم بحلقات العلم، وتقوم بدور المدارس والجامعات، حتى نبغ من أبناء الأمة الإسلامية علماء كبار في ميادين المعرفة كلها، وكانوا أساتذة الدنيا لمدة عشر قرون كاملة، وعنهم أخذ الغرب علمه، وبنى حضارته، فما أجدرنا أن نحيي اليوم ما بدأه أجدادنا من قبل في العلم والحضارة وصناعة الحياة.
هل رأيت طلاب المدارس الابتدائية يحملون حقائبهم في طريقهم إلى المدرسة ،يأتونها صغاراً، ويخرجون منها كبارًا، يتعلمون فيها القراءة والكتابة والحساب والعلوم وغيرها.هل رأيت طلاب المدارس المتوسطة والثانوية، ثم طلاب الجامعة الذين يتخرجون ويصبحون أطباء ومهندسين وحتى معلمين .
ومع ذلك ترى بعض الناس لا يحترمون المعلم، فيتكلمون في حصته ولا ينفذون أوامره وهو الذي يسر لهم الحياة بالعلم وقال الشاعر أحمد شوقي:
قم للمعلم وفه التبجيـــلا كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي يبني وينشئ أنفسًا وعقولا
نعم، إنه المعلم يقوم بأعظم رسالة في الحياة، وهي نشر العلم والثقافة بين الناس، وقد شهد الرسول صلى الله عليه وسلم لمعلم القرآن أعظم شهادة حين قال:خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
ولا تقتصر مهمة المعلم على التعليم فقط، ولكنها تمتد إلى التربية والرعاية وتوجيه الطالب، والدلالة على الخير وتشجيع الطلاب على الجد والاجتهاد.
وجدير بنا جميعًا أن نعرف للمعلمين فضلهم، وأن نبادرهم بما يستحقون من التقدير والاحترام والتبجيل، ونقدم لهم الشكر الصادق الجزيل على ما يبذلون من جهد في تخريج الأجيال ورعايتها والاهتمام بها، فالمعلمون هم حق بناة المجتمع، ومنارات الخير فيه.
وكل هذا مبني على العلم، فالمعلم أخذ العلم وأعطاك إياه وأنت أخذت العلم من المعلم وأعطيته لغيرك وهكذا.
والعمل شرف للإنسان، وكرامة له،فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان لعمارة الأرض،أي:العبادة والعمل.
كل إنسان في المجتمع ينبغي أن يكون له عمل، ما دام قادرًا على العمل والعطاء...أن يكون معلمًا أو طبيباً أو جنديًا أو مهندسًا وغيرها من الأعمال.
وكل عمل شرف للإنسان ما دام العمل جائزًا ليس محرمًا، وكل عامل له مكانة وتقدير في المجتمع، فالمجتمع الذي يحتاج إلى المعلم والمهندس والطبيب
وحتى إلى عامل النظافة، فمن دون وجود عامل النظافة لكانت اتسخت كل المدينة ونقلت الأمراض الخطيرة.
كان عمر بن الخطاب يقول:كنت أرى الرجل فيعجبني فأسأل:أله مهنة؟فإن قالوا لا، سقط من عيني.
لا مكان في المجتمع للكسالى والعاطلين عن العمل، الذين يعيشون متطفلين على موائد غيرهم، ينامون في النهار ويسهرون في الليل، ويقضون أوقاتهم في تناول الشاي والقهوة، والخوض في الأحاديث التافهةالتي لا فائدة منها.
إن المجتمع الناهض هو الذي يشبه خلية النحل:لكل نحلة مهمة وعمل، والكل يعمل في همة ونشاط.
إذا كان العمل شرفًا للإنسان، فإن إتقان العمل شرط أساسي من شروط نجاحه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه.
فإتقان العمل، والإخلاص فيه، سبيل إلى سعادة صاحبه، ونمو مجتمعه، وإذا كان بعض الناس يحتقرون المهن اليدوية، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:من أمسى كالاً من عمل يده،أمسى مغفورًا له.
ما رأيكم