شجرة التوت  الفصل الاول Hitskin_logo Hitskin.com

هذه مُجرَّد مُعاينة لتصميم تم اختياره من موقع Hitskin.com
تنصيب التصميم في منتداكالرجوع الى صفحة بيانات التصميم

*ღ منتديات احلى بنات للبنات فقط ღ*
*ღ منتديات احلى بنات للبنات فقط ღ*
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

.
 
الرئيسيةس .و .جبحـثالأعضاءالتسجيلدخول

 

 شجرة التوت الفصل الاول

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Beren saat
صديقة المنتدى
صديقة المنتدى
Beren saat


مسآهمـآتــيً $ : : 282
عُمّرـيً * : : 24
تقييمــيً % : : 45878
سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 9
أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 08/07/2012

شجرة التوت  الفصل الاول Empty
مُساهمةموضوع: شجرة التوت الفصل الاول   شجرة التوت  الفصل الاول Empty17/7/2012, 10:06 pm



في طفولتي رأيت شجرة التوت البرية تمشي باتجاه بيتنا الترابي المخلع، وباتجاه كل البيوت، ورأيتها تلم الجيران تحت أغصانها، ورأيت صاحبها أبا يوسف رجل القرية العتيق، وسمعته يحكي حكايات طيبة عن العيش والأيام، وسمعته يغني أغنيات: تشبه برد الصيف ورنين أصوات المراعي.‏
في يوم من أيام المدرسة، ونحن نهم بالسير عبر الدرب المؤدي إلى المدرسة، استوقفتنا شجرة التوت... واستوقفنا صوت أبي يوسف وهو يحكي لابن الأحمد وابن الصبرة وابن الصالح:‏
-هل سافرت يا ابن الأحمد إلى تركيا؟‏
[size=12]-لا... لم أسافر...‏
[size=12]-وأنت يا ابن الصبرة هل سافرت إلى تركيا؟؟‏
[size=12]-لا... لم أسافر...‏
[size=12]-أنا سافرت سيراً على قدمي إلى استانبول...‏
[size=12]-وكم يوماً بقيت حتى وصلت؟‏
[size=12]-سبعة أيام بلياليها... وقبل هذه السفرة سافرت إلى بلاد بعيدة.‏
[size=12]أحببنا أنا وسلمان ولد ابن يوسف بو حمود وسمر بنت ابن الأحمد أن نقترب أكثر من شجرة التوت من صوت أبي يوسف وملامحه...‏
[size=12]وقفنا خلف حفاف أرض شجرة التوت واحتمينا بشجرة الزنزلخت المجاورة للدرب خوفاً من أن يمنعنا ابن الصبرة أو ابن الأحمد أو سواهما من أن نسمع حكايات أبي يوسف... رغم أننا لم نمسك بجذع شجرة التوت، ورغم المسافة القصيرة التي بقيت تفصلنا عن أبي يوسف والمصطبة والجالسين عليها، بلغت أعماقنا رائحة أوراق التوتة، وسمعنا جيداً حديث أبي يوسف مع ابن الأحمد وابن الصبرة وابن الصالح،وعاينّا ملامحهم:‏
[size=12]سأل ابن الصبرة:‏
[size=12]-وكم بقيت يا أبا يوسف في استانبول؟‏
[size=12]-بقيت أقل من سنة... كنت لا أنسى شجرة التوت وعشرتها وكأنها معي... وكنت أخاف عليها من اليباس أو العطش...‏
[size=12]لم يتم أبو يوسف حديثه، لأن صوت أم يوسف قطع عليه وعلى الجالسين الحديث...‏
[size=12]-في عمرك كله لم تترك عادتك... جمعت بيضات الدجاجات كلها، ووضعتها بالسلة، وأخذتها إلى الدكان ورجعت وأنت على المصطبة وابن الصبرة وابن الصالح وابن الأحمد عندك،وحديثكم لم ينته، ودخان سيكاراتكم لا ينقطع، وكأن الدنيا ما فيها إلا شجرة التوتة والمصطبة وشرب الدخان والأحاديث...‏
[size=12]شاهدنا- نحن أولاد المدرسة –أمّ يوسف من بعيد واختبأنا في جهة من جهات أرض ابن الحمودة المجاورة لأرض شجرة التوت هرباً من كلماتها القاسية.‏
[size=12]قال سلمان ولد يوسف بوحمود:‏
[size=12]سلة أم يوسف مملوءة بالأكياس:‏
[size=12]ردّت عليه سمر بنت ابن الأحمد:‏
[size=12]تكون أعطت البيضات لصاحب الدكان، وأخذت منه حاجات للبيت. بقيت سمر منتبهة إلى مشية أم يوسف المتمهلة جداً، ومنديلها الملفوف على رأسها بإتقان، وشفتيها المتوترتين، حتى يظن من يراهما أنهما تستعدان للبصاق أو لقبلة حربية.‏
[size=12]قالت سمر: أم يوسف دائماً تمشي على مهلها، ودائماً لا تضحك لأحد، حتى لأبي يوسف...‏
[size=12]قبل أن تصل أم يوسف بادرها ابن الصالح بالحديث:‏
[size=12]كنت تبيعين البيضات، وماذا أحضرت معك من الدكان؟‏
[size=12]-زادت أم يوسف زم شفتيها وكأن القنبلة الموقوتة تكاد تنفجر...‏
[size=12]-أبو يوسف أنهى لف لفافة التبغ في يده، وأشعلها ومسح وجهه بكفيه، وعاد إلى جذع التوتة ومسحه بكفيه، وراح يعاين أغصانها وشكل أوراقها والعصافير المنتشرة في جهاتها، ونسي أن يلتفت إلى جهة الشمال حيث وقفت أمّ يوسف وراحت تبحث عن بيضات الدجاجات وعن الأفراخ... التي لم تستقلّ بعد عن الدجاجات الكبيرة التي فقستها...‏
[size=12]بعد أن أنهت أم يوسف جولتها التفقدية وتأكدت من أن بعض البيضات غير موجودة في الأعشاش المخصصة للبيض، ازدادت شفتاها توتراً وازدادت مشيتها تمهلاً، قالت لأبي يوسف:‏
[size=12]-أنا أعرف أن عادتك لن تغيّرها، الولد الذي تصادفه ستعطيه إما بيضة، وإما تعطيه الفرنكات التي معك...‏
[size=12]أخذ أبو يوسف نفساً عميقاً من لفافته، وابتسم ابتسامة هادئة انسربت من كل ملامحه، وقال:‏
[size=12]-يا أم يوسف! بعض الدجاجات ما باضت اليوم...‏
[size=12]-هذا عذرك الدائم... أنا متعودة على فنونك...‏
[size=12]-تعودّي على فنوني، واسقينا الشاي، وستزداد البيضات.‏
[size=12]ضحك ابن الصبرة، فبانت تجاعيد وجهه، ومثله ضحك ابن الأحمد، وابن الصالح. مالت أم يوسف ميلة يمنى وميلة يسرى باتجاه عتبة البيت...‏
[size=12]حين دخلت طارت بعض الحمامات طيراناً يسيراً وعادت إلى دوحها، وكأنها بذلك ترحب بأم يوسف وتطالبها ببعض حبات القمح...‏
[size=12]اتجهت أم يوسف إلى مصطبة البيت، وصعدتها. أخذت الإبريق المعلق بمسمار خاص به في عمود البيت. عمود البيت يتوسط المصطبة الداخلية، وهو معني بحمل الكثير من الأغراض والحاجات، مسمار علق به طبق القش، وآخر علقت به جرة الزيت، وآخر علقت به حقيبة فناجين الشاي، وإلى يسار العمود يستريح /البابور/ والسراج /وعنبر القمح...‏
[size=12]أمسكت أم يوسف الإبريق وملأته من الجرة الموجودة على المصطبة في جهتها الشرقية حيث الحائط، وأقبلت على العمود، فأخذت الحقيبة المخصصة للسكر والشاي فغرفت بيدها ما اعتقدت أنه يكفي من الشاي ومن السكر، وانتقلت إلى /البابور/ أشعلته على عجل، ووضعت الإبريق عليه، وانتبهت إلى أفراخ الحمام والحمامات الكبيرة.‏
[size=12]أعشاش الحمام كان أكثرها داخل البيت، في طاقات خاصة، وكان بعضها فوق العتبة في صناديق وعلب، وبدراية تعرف أم يوسف كل حمامة من حمامات البيت وتعرف صوتها ولونها. وتعرف إن كانت جائعة... وتعرف الأفراخ معرفة حاذقة، فلا يمكن لا أحد أن يضللها عن الأعشاش أو الأفراخ... ولهذا كانت تنشب بينها وبين أبي يوسف معارك دائمة عندما يذبح بعض الأفراخ، ليشويها ويأكلها، أو ليطعم بعض ضيوفه في غيابها.‏
[size=12]انتهت أم يوسف من إعداد الشاي وغليه، وأحضرت الفناجين الكبيرة، وحملتها على طبق من قش وخرجت إلى مصطبة شجرة التوت، حيث جلس أبو يوسف وجيرانه يتجاذبون أطراف الحديث وأحياناً يمزقون الحديث وأطرافه بسبب الخلافات التي تنشب بين ابن الصبرة وابن الصالح لكل أمر ولكل شاردة وواردة.‏
[size=12]سبق صوت أسعد الشحاذ صوت أم يوسف وطبقها القادم بالإبريق والفناجين...‏
[size=12]قال ابن الأحمد:‏
[size=12]أسعد الشحاذ عند بيت ابن الحمودة تحت شجرة التوت التي أمام بيتهم.‏
[size=12]رد ابن الصبرة: جاء الصوت من جهة الساقية لا من جهة بيت ابن الحمودة.‏
[size=12]قال ابن الأحمد لابن الصبرة:‏
[size=12]انتظر لحظات، وسترى من أين جاء الصوت. أبو يوسف بعد أن سكت ابن الأحمد قال: صوت أسعد الشحاذ قريب، وآتٍ من جهة قريبة لا من جهة بعيدة، وبيت ابن الحمودة أقرب من الساقية.‏
[size=12]بيت ابن الحمودة قريب من بيت أبي يوسف... والأرض التي أمامه تتاخم أرض شجرة التوت، وتكاد لا تنفصل عنها لولا الحفاف الموجودة بين الأرضين...‏
[size=12]والدرب المنطلق من أمام بيت أبي يوسف يمر قريباً من بيت ابن الحمودة. بينما الساقية بعيدة عن بيت أبي يوسف، بينها وبين شجرة التوت تترامى مروج وكروم الضيعة... بعد تخم أرض التوتة وبيت أبي يوسف تنهض أشجار زيتون كرم ابن الأحمد، وبعد كرم ابن الحمودة، وقرب الساقية من جهتيها الشمالية والجنوبية يمتد مرج ابن الصبرة وكرم زيتونه، وبعده إلى الشمال كرم ابن الصالح، وإلى الشرق من الكروم تترامى مراعي ضيعة شجرة التوت وبراريها الفسيحة... ومن المميّز في حياة أبي يوسف وشجراته البرية، أنه كان مولعاً بالمراعي ومساءات الضيعة، وأن تخوم أرض شجرة التوت لا تنفصل عن البراري والمراعي بأي فاصل ولا تنأى عنها مهما اشتد عليها العطش.‏
[size=12]شرب أبو يوسف وجيرانه فناجين الشاي التي قدمتها أم يوسف بسرور وبهجة، لأن أبا يوسف عاد إلى حديث الأيام وشجرة التوت:‏
[size=12]هل تعرفون أنني أيام سفري وعملي في البلاد البعيدة اختلفت أنا والناظر علينا...‏
[size=12]قال لي:‏
[size=12]-أنت مقصّر في عملك.‏
[size=12]-لا أنا ماقصّرت...‏
[size=12]-سأجعلك تتوب... وتترك عملك... وتسافر إلى بلدك...‏
[size=12]في ذلك اليوم لم أستطع أن آكل من شدة غيظي من أمر ذلك الناظر... لكنني في وقت الهاجرة والناس يأكلون رقدت رقدة سريعة واستيقظت، فأحسست أن شجرة التوت أمامي وأنّ الناظر يحاول أن يقطع أغصانها ويقتل عصافيرها ويهدم المصطبة التي إلى جوارها. حاولت أن أقف في وجه الناظر وأضربه، لكنني في أول الأمر كنت أضعف من أن أفعل أي شيء، خفت أن تنتهي شجرة التوت، وتنتهي رائحتها وعشرتها مع الجيران والبراري القريبة منها...‏
[size=12]وقبل أن يقطع أغصانها رأيتها تختفي في جهة لم يستطع الناظر معرفتها وتحديدها، وأحسست أننّي اختفيت معها، وأن الناظر فشل في بحثه عني وعن شجرة التوت... وأن بصيرته عميت عني وعنها وعن القرية، وبعد أيام قليلة عدت من سفري، وكانت أم يوسف ولدت يوسف...‏
[size=12]توتة أبي يوسف متميزة بملامحها ونشأتها وحياتها عن سائر أشجار التوت في القرية... فهي برية وقديمة، ولا يعرف بالتحديد تاريخ ظهورها، وهي واسعة الأغصان وقوية الجذع... ابن الأحمد لم يجلس مرة عند أبي يوسف إلا أخذته الدهشة إزاء جذع شجرته القوي... وقد سأل ابن الصالح وابن الصبره عن سر ذلك.‏
[size=12]أبو يوسف نهض ودخل إلى البيت، ليملأ علبة الدخان، وابن الأحمد راح يتأمل جذع التوتة المتين والراسخ، ولم يقطع تأملاته إلا صوت ابن الصالح:‏
[size=12]-أين رحت يابن الأحمد؟؟‏
[size=12]-إنني متعجب من أمر هذه التوتة يابن الصالح.‏
[size=12]قال ابن الصبرة:‏
[size=12]-أنا مثلك أتعجب من قوة وكبر هذه التوتة، فلا يوجد في كل القرية، ولا في القرى التي زرتها شجرة بقوتها وكبرها وقدمها.‏
[size=12]رد ابن الصالح:‏
[size=12]ويزيدها قوة وخيراً أنها في مكان قريب من المراعي وقريب من كل الدروب، وتحت أغصانها تجتمع نساء القرية لقشر القمح في الجرن القديم... نظر ابن الأحمد إلى يسار التوتة حيث أشار ابن الصالح، ليعاين جيداً الحجر المنقور الموجود خصيصاً لقشر القمح.‏
[size=12]عاد ابن الأحمد إلى الكلام:‏
[size=12]ولا ننسى يا ابن الصالح أن الديار بسكانها، والشجر بأصحابه، وأبو يوسف من الرجال العتيقين في قريتنا، ومن الرجال الأشدّاء والكرام.‏
[size=12]قال ابن الصبرة:‏
[size=12]أنا لا أعرف أن أنظر إلى شجرة التوت إذا لم يكن أبو يوسف قربها... منذ أيام /الولدنه/ وأنا أرى شجرة التوت الكبيرة وأرى قرب جذعها أبا يوسف وأشاهد دخان لفافته وفنجان الشاي الكبير أمامه أو في يديه، والنساء يتواردن ومعهن القمح، ليقشرنه في الجرن تحت أغصان التوتة...‏
[size=12]أم يوسف لم تسمع إلا كلمات قليلة، لأن النعاس ملأ عينيها فنامت على الحصير الممدّد على المصطبة الداخلية، وقد عرف أبو يوسف ذلك جيداً، عندما انقطع صوتها، وانقطعت ميلاتها، وسكتت أسئلتها الملحاحة بشأن البيضات وأفراخ الحمام، وجرن القمح وجرن الدجاجات... وعندما دخل إلى البيت وألفاها نائمة قال في نفسه:‏
[size=12]"نشرب الشاي على مهل، ونلف اللفافات دون أن نسمع تقريع أم يوسف وشكواها من الدنيا ومن الأزواج الذين لا يوفرون بيضات الدجاجات، وأفراخ الحمام.‏
[size=12]ملأ أبو يوسف علبته تبغاً ورجع أدراجه بتؤدة كي لا يوقظ أم يوسف... هبط المصطبة واتّجه إلى الباب، وعيناه الضيقتان قليلاً ترقبان كل شيء أمامه حذراً من أن تصطدم قدماه بشيء، ولو بحبة تراب لا أهل لها ولا وطن. قامته المحنية بعض الشيء من ثقل الشقاء وهموم السنين لم تذهب ببهاء أبي يوسف، بل زادته حناناً وحباً للناس وزادته احتراماً بين جيرانه... وهو يخرج من باب البيت كانت آثار السنين بادية على ملامحه... قامته أتعبتها ضربات الدنيا، وتجاعيد وجهه ازدادت، وأنامله لم تعد قوية مثلما كانت أيام الشباب، قبل أن يعبر عتبة البيت أمسك بطرف /قمبازه/ الطويل ولمه ورفع حاجبيه، ليرى حالة الجو ويعرف كيف انتشرت الأجنحة في فضاء شجرة التوت، وليتبين إن كان جرن الدجاجات مملوءاً ماءً...‏
[size=12]جرن الدجاجات يتوسط الساحة المجاورة للمصطبة، وهو باد لكل دجاجة تود أن تشرب، وجوانبه ليست مرتفعة، فهو مسطح وليس عميقاً، ليسهل على الدجاجات والأفراخ أن تشرب منه.‏
[size=12]مشي أبو يوسف بحذاء حفاف المصطبة، عبر الدرب الضيق المؤدي إلى الساحة، فرأى أن جرن الدجاجات غير مملوء، فأقبل على الجرة الكبيرة المتكئة على حائط الساحة الغربي، أخذ عنها غطاءها النحاسي المجوف، وملأه ماء، وسكبه في جرن الدجاجات، وأعاده إلى فم الجرة.‏
[size=12]كان الحر شديداً، لكن مصطبة شجرة التوت، لم تبعث على الشعور الثقيل بالحر، فأغصان التوتة لم تبخل برفيفها الحنون الدائم.‏
[size=12]لم يجلس أبو يوسف على المصطبة فور صعوده إليها، لأنه لمح زوجة ابن الصبرة قادمة، وعلى كتفها كيس مملوء قمحاً...‏
[size=12]قال بصوته الرصين والعفوي:‏
[size=12]جاءتك أم محمود يا ابن الصبرة.‏
[size=12]قال ابن الصالح:‏
[size=12]عرفتْ في أي وقت تجيء...‏
[size=12]قال ابن الأحمد:‏
[size=12]-فعلاً استطاعت أن تمسك بك حياً ترزق لتساعدها في قشر القمح شئت أم أبيت...‏
[size=12]جلست زوجة ابن الصبرة قرب الجرن، وأمسكت بالحجر المخصص لدق القمح المبلل قليلاً بالماء، وابن الصالح استأذن من أبي يوسف، ومشى نزولاً عبر درب المروج والكروم.‏
[size=12]قال ابن الأحمد لأبي يوسف:‏
[size=12]-ابن الصالح شاب وشبابه كيّس، والدنيا لم تطعنه بعد كما طعنتنا...‏
[size=12]قال ابن الصبرة وهو يهم بالإقبال على الجرن لمساعدة أم محمود زوجته: ابن الصالح جاري منذ سنين طويلة. أنا أعرفه وهو طفل.‏
[size=12]رد ابن الأحمد:‏
[size=12]-فعلاً بيتك وبيت ابن الصالح متجاوران من سنين وسنين... أنا أذكر بيت والدك وبيت والده قبل خمسين سنة تقريباً. كان حائط بيتكم يلاصق حائط بيتهم... وأرضكم مجاورة لأرضهم... وأبو يوسف يعرف أكثر مني تاريخ ابن الصبرة وتاريخ والده وتاريخ زواجه...‏
[size=12]-قال أبو يوسف بصوت خفيض لكنه واضح:‏
[size=12]فعلاً –يا ابن الصبرة- بيت أبيك وبيت ابن الصالح متجاوران فعلاً من أيام بعيدة... والدك في أيام كثيرة كان حين يتعب من الفلاحة في أرض الساقية، يتجه إلى حيث يكون والد ابن الصالح في أرضه التي على الساقية قرب أرضكم، ليلف سيكارة من علبته... وأذكر يوم تزوجت أنت من أخت يوسف بوحمود صاحب الدكان، وأذكر يوم تزوج ابن الصالح من بنت أخ أم يوسف، ويومها أعطاه، أو لنقل أعطى بنته –الأرض التي قرب بيتك يا ابن الأحمد...‏
[size=12]صمت ابن الأحمد وقال:‏
[size=12]صدّقني يا أبا يوسف إن قصة أرض ابن الصالح التي قرب بيتي كانت غائبة عن بالي، وكنت ناسياً أن أخ أم يوسف هو الذي أعطاها له.‏
[size=12]ملامح ابن الأحمد متجهمة صارمة، لا يبتسم إلا في أوقات نادرة، وابتساماته تنبثق كسولة خاملة، حتى يعتقد الناظر إليه أنه يقرر أن يصرخ أو أن يبكي لا أن يبتسم، وحاله هذه لا تودعه لا في الصيف ولا في الشتاء، ولا في الصباح ولا في المساء. وتزداد توتراً ومهابة وصرامة أمام أولاده.‏
[size=12]نظر إليه أبو يوسف فتبدى لـه صارماً، فقال له:‏
[size=12]-أعجب من أمرك يا ابن الأحمد. إنك توحي لمن يراك لأول مرة أنك ستبكي... وأنا أعتقد أن الطيور لا تجرؤ على الاقتراب منك إذا كنت غاضباً.‏
[size=12]صمت ابن الأحمد، بينما أبو يوسف انشغل بلف لفافة تبغ جديدة، وابن الصبرة راح يدق القمح بالحجر الأملس المخصص لدق القمح وقشره.‏
[size=12]يدا ابن الصبرة ليستا قويتين بحيث تليّن القاسي، لكنهما قادرتان على حمل حجر الجرن وإعادته، ومثله أم محمود زوجته، فكلاهما يشبه الآخر بالهيئة والمتانة... وبالقد والبدانة والنحول... ابن الصبرة وأم محمود لم يستفيدا من دهرهما إلا السمرة الفائضة عن الحاجة والشقاء الدائم، لكنهما مع كل التعب الذي ينتظرهما كل يوم فحالهما ميسورة قليلاً وأرضهما قريبة من بيتهما. بعد أن عرق ابن الصبرة وتعب، نزع الشملة عن رأسه، واستند إلى جذع التوتة الراسخ، ومدّ رجليه ليستريح ونفخ نفخة عالية وعميقة، وكأنه يطرد من صدره الغيظ والشقاء...‏
[size=12]استلمت أم محمود حجر الجرن وراحت تدق القمح بكل ما أوتيت من قوة... ضربات حجر الجرن كانت تشغل الصمت وتقطعه... قدم أبو يوسف لابن الصبرة علبة التبغ ودعاه ليلف منها سيكارة:‏
[size=12]-خذ لف سيكارة وجرّب دخان علبتي.‏
[size=12]-بارك الله فيك وبعلبتك...‏
[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]







منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
R-thar
خمس نجوم
خمس نجوم
R-thar


مسآهمـآتــيً $ : : 797
عُمّرـيً * : : 25
تقييمــيً % : : 48472
سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 17
أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/01/2012

شجرة التوت  الفصل الاول Empty
مُساهمةموضوع: رد: شجرة التوت الفصل الاول   شجرة التوت  الفصل الاول Empty19/7/2012, 9:45 am

تم حذف الرد من قبل *ღ GIRL UNDER THE RAIN ღ* لانه رد سطحي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شجرة التوت الفصل الاول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شجرة التوت الفصل الثانى
» شجرة التوت الفصل الثالث
» شجرة التوت الفصل الرابع و الاخير
» قصة من تاليفي : شمس العالم الجديد
» قصة انمي من تاليفي : ضحية الحب و الحرب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
*ღ منتديات احلى بنات للبنات فقط ღ*  :: ~►♥ اقـسـام الـعـبـر ♥◄~ :: أقلام أحلـى بنات ☁. :: أجمل القصص & الروايات ☕ !.-
انتقل الى: