تحية طيبة ونقية بنقاء وطيبة قلوبكم وبعد :
يحكى أن أحد التجار أرسل ابنه لكي يتعلم سر السعادة لدى أحكم رجل في العالم.. مشي الفتى أربعين يوما حتى وصل إلى قصر جميل على قمة جبل.. و فيه يسكن الحكيم الذي يسعي إليه..
و عندما وصل وجد في قصر الحكيم جمعا كبيرا من الناس.. انتظر الشاب ساعتين حين يحين دوره.. أنصت الحكيم بانتباه إلى الشاب ثم قال له: الوقت لا يتسع الآن و طلب منه أن يقوم بجولة داخل القصر و يعود لمقابلته بعد ساعتين.. و أضاف الحكيم و هو يقدم للفتى ملعقة صغيرة فيها نقطتين من الزيت: امسك بهذه الملعقة في يدك طوال جولتك و حاذر أن ينسكب منها الزيت.
أخذ الفتى يصعد سلالم القصر و يهبط مثبتا عينيه على الملعقة.. ثم رجع لمقابلة الحكيم الذي سأله: هل رأيت السجاد الفارسي في غرفة الطعام؟.. الحديقة الجميلة؟.. و هل استوقفتك المجلدات الجميلة في مكتبتي؟.. ارتبك الفتى و اعترف له بأنه لم يرى شيئا، فقد كان همه الأول ألا يسكب نقطتي الزيت من الملعقة..
فقال الحكيم: ارجع وتعرف علي معالم القصر.. فلا يمكنك أن تعتمد على شخص لا يعرف البيت الذي يسكن فيه..
عاد الفتى يتجول في القصر منتبها إلى الروائع الفنية المعلقة على الجدران.. شاهد الحديقة و الزهور الجميلة..
و عندما رجع إلى الحكيم قص عليه بالتفصيل ما رأى.. فسأله الحكيم: و لكن أين قطرتي الزيت اللتان عهدت بهما إليك؟.. نظر الفتى إلى الملعقة فلاحظ أنهما انسكبتا..
فقال له الحكيم: تلك هي النصيحة التي أستطيع أن أسديها إليك سر السعادة هو أن تري روائع الدنيا و تستمتع بها دون أن تسكب أبدا قطرتي الزيت.
فهم الفتى مغزى القصة فالسعادة هي حاصل ضرب التوازن بين الأشياء،
و قطرتا الزيت هما الستر والصحة.. فهما التوليفة الناجحة ضد التعاسة.