إنها هبة من الهبات الكثيرة التي أعطاها الله الخالق لنا لنتميز عن باقي
خلقه. وهي مصدر قوة لنا لتشحذ عقولنا وقلوبنا. انه سحر الاختيار, انه
يعطينا ألذة في الحياة في أن نختار بين الأبيض أو الأسود أو القبيح من
الجميل أو بين التشاؤم و التفاؤل !
إننا ندعي كثيرا أننا لا نملك الخيار وان الظروف او البيئة المحيطة هي
السبب. أو ربما قلنا لو رجع الزمان لفعلت كذا و كذا. وكثير منا يردد عبارة
ليس لي اختيار لقد أجبرت على هذا التخصص أو هذه الوظيفية. والأدهى والأمر,
ذلك القائل لقد أجبرت على هذا الأسلوب من الحياة.
كلها معوقات صنعناه في عقولنا ونسجنا منها خيوط واهية. في كل خطوة نمشيها
في هذه الحياة هناك لنا اختيار. فأنت تستطيع أن تختر بين الخير والشر ,
وبين الحق والباطل وبين الحلو والمر , وهذا ينطبق على أيضا على الجهل
والعلم , في كل مناحي الحياة لك اختيار حتى السجين له اختيار . كان ابن
تيمية رحمة الله قد اختار أن يكون السجن خلوة , واختار نيلسون منديلا أن
ينظر إلى سجانيه على أنهم حرسه الخاص , واختار ابن حنبل الجلد والحبس ,
فصار إمام الدنيا ولو اختار المداهنة ! لما التفت إليه التاريخ , لكنها أبى
إلا سحر الاختيار!
حتى تشعر بهذا السحر, لابد أن يكون من أعماق قلبك , وبقناعتك وبأفكارك .
وأمرا آخر لابد إن تخطط وتعمل فذلك الذي يساعدك على أن يكون لك اختيارات
كثيرة ومتنوعة , وأما القاعد الذي يندب الحظ والحياة فسوف يمر عليه
الاختيارات ولن يشعر بسحرها .
وخذ مثالا في أي حدث يقع علينا من أحداث الحياة, فلك كامل الحرية في أن
تجزع فتخسر أو أن تصبر فتربح وتصبح أشد عودا. و لقد اختارت و هي الصماء
والبكماء والعمياء منذ طفولتها ,أن تتعلم الكتابة والقراءة وأن تجيد عدة
لغات ولم تكتفي بذلك بل نشرت مجموعة من الكتب. وزد على ذلك, أنها حصلت على
دكتوراه في العلوم وأخرى في الفلسفة. و لقد اختارت أيضا أن تكون محاضرة
بارعة لتعلم غيرها. كانت تستطيع أن تأوي الركن من أركان البيت فتندب
حظها ولكنها أبت , واختارت الحياة ! إنها هيلين كلير, ومن أشهر عباراتها "
عندما يُغلق باب السعادة، يُفتح آخر ، ولكن في كثير من الأحيان ننظر طويلا
إلى الأبواب المغلقة بحيث لا نرى الأبواب التي فُتحت لنا"
وأخيرا, نحن نملك كامل الحرية في الاختيار ولكن لنتحمل مسئولية الاختيار, فقد اختار الشيطان أن لا يسجد !
سحر الاختيار ينبع من القلب ويسكن في العقل
--
مم راق لي