*ღ منتديات احلى بنات للبنات فقط ღ*
*ღ منتديات احلى بنات للبنات فقط ღ*
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

*ღ منتديات احلى بنات للبنات فقط ღ*

.
 
الرئيسيةس .و .جبحـثالأعضاءالتسجيلدخول

 

 شجرة التوت الفصل الثانى

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Beren saat
صديقة المنتدى
صديقة المنتدى
Beren saat


مسآهمـآتــيً $ : : 282
عُمّرـيً * : : 23
تقييمــيً % : : 43828
سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 9
أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 08/07/2012

شجرة التوت الفصل الثانى Empty
مُساهمةموضوع: شجرة التوت الفصل الثانى   شجرة التوت الفصل الثانى Empty17/7/2012, 10:09 pm

تسلّق ابن الصالح إحدى شجرات الزيتون في أرضه المقابلة لبيت ابن الأحمد بحثاً عن الأغصان اليابسة، ليقطعها ويريح منها الزيتونة. نظر إلى بيت ابن الأحمد، فظهرت لـه المصطبة الترابية التي أمام البيت، وظهرت لـه الأغراض المنتشرة في جنباتها، وظهر لـه البساط المفروش على امتداد المصطبة تقريباً...‏
لمح سمراً بنت ابن الأحمد وأختها رباباً وهما تقشران حبات البطاطا استعداداً لإحضار الغداء.‏
[size=12]لم يلبث ابن الصالح على حاله طويلاً حتى باغته صوت ابن الأحمد القوي كالصراخ، وهو ينادي زوجته:‏
[size=12]-يا زهوة... يا زهوة...‏
[size=12]ردّت زهوة من جهة البيت الشرقية، حيث كانت تجمع العيدان اليابسة لتجعلها وقوداً للتنور في المساء:‏
[size=12]-نعم... ماذا تريد؟‏
[size=12]-أنا هنا عند الدكان.‏
[size=12]-أنا قادمة إليك.‏
[size=12]قمطت زهوة رأسها بمنديلها الحريري المرقع، واتّجهت مسرعة عبر الدرب الترابي المؤدي إلى الساقية، فالدكان حيث جلس ابن الأحمد.‏
[size=12]صوت سمر ورباب كان مسموعاً بالنسبة لابن الصالح وهو يقطع عيدان الزيتونات اليابسة. قالت سمر: أنا خائفة يا رباب!..‏
[size=12]لم تجبها رباب لأنها لا تعرف أن تجيب، فهي تفهم بقشر البطاطا وحمل الماء من النبع وشرب الشاي، أما أن تعطي رأياً بالخوف من المستقبل والأيام، فذلك أمر لا علاقة لها به، ولعلها لم تتعلم في عمرها أية كلمة من هذا القبيل...‏
[size=12]رباب عكس سمر تماماً، عاشت سنواتها معزولة عن القراءة والكتابة والدنيا والآخرة، فهي لا تعرف أبعد من النبع وبيت أبي يوسف... تذهب إلى النبع لتملأ الجرة ماء، وإلى بيت أبي يوسف لتشتري البيض من أم يوسف، أما سمر فقد قرأت مع أولاد القرية ونجحت في صفوف الدراسة الأولى، وانتقلت إلى المرحلة الثانية.‏
[size=12]وهي زيادة على ذلك صبية الصبايا، وهي كما تقول عنها أم يوسف: "سمر سبقت عمرها بجمالها ولباقتها ومعرفتها بشؤون الدنيا، لكن والدها قاسٍ في طباعه، ولا يعرف الشفقة لا عليها ولا على رباب ولا على بقية إخوتهما".‏
[size=12]بيت ابن الأحمد محاط بأشجار المشمش والزنزلخت ومصطبة بيته واسعة، لكن قسوته وصرامة ملامحه لا تسعد جليسه، ولا تريح أولاده، ولا تترك لهم أن يعيشوا كأولاد الجيران.‏
[size=12]نهضت سمر ونظرت إلى جهة الدرب لترى إن وصل والدها، فبدت لها شجرة توت أبي يوسف... ظهرت لها ملء المدى... ولمحت أبا يوسف قادماً من جهة الساقية الجنوبية حيث أرض وبيت ابن الصبرة وأرض وبيت ابن الصالح... لمحته يمشي كعادته متمهلاً وفي يده لفافة التبغ المشتعلة...‏
[size=12]قالت سمر في سرها: "شجرة التوت تتصدر أفق القرية بأغصانها وعصافيرها وزهوها وفتنة الجلسة إلى جوارها، وأبو يوسف قامة تزرع الدروب بهجة، ومعاشريه شعوراً بالارتياح. قرب شجرة التوت يلتقي الجيران، ومن أمامها تمر الدروب وأكثر من هذا هي ذاكرة لا تنسى شيئاً، وعلامة فارقة في تاريخ القرية وأحداثها وتغيراتها. نادى ابن الصالح بأعلى صوته:‏
[size=12]-يا ابن الصبرة.‏
[size=12]-نعم يا ابن الصالح.‏
[size=12]-ماذا تشتغل عندك؟‏
[size=12]-أفلح أرض الزيتونات.‏
[size=12]أبو يوسف سمع صوت ابن الصالح وابن الصبرة لكنه لم يقف، بل تابع مشيته المتمهلة باتجاه شجرته ومصطبته وبيته. على بعد أمتار من أرض ابن الصالح بيت ابن الأحمد وبعده مباشرة الدرب المنطلق باتجاه شجرة أبي يوسف وبيته...‏
[size=12]ابن الصالح يعرف سمراً جيداً، ويعرف أنها من الناجحات في الدراسة ويعرف أنها صبية يتمناها أي شاب في القرية. أشجار المشمش والزنزلخت والمصطبة تجعل من بيت ابن الأحمد متميزاً في القرية لكن ابن الأحمد قاسٍ... وقسوته تذهب بكل جمال..‏
[size=12]بقيت سمر واقفة ترقب أبا يوسف وهو يتقدم باتجاه شجرة التوت... وقد تمنّت أن تقترب منه وأن تسمع حكاياته عن السفر وعن الأيام... وأن تجلس على المصطبة قرب جذع الشجرة الراسخة... إنها منذ كبرت وشبّت، أحبت عشرة أبي يوسف وشجرة التوت المجاورة لبيته، ومثلها كل الأولاد وكل الجيران أحبوا عشرة أبي يوسف وشجرته البرية...‏
[size=12]حمل ولد يوسف بوحمود صاحب الدكان سلة قصبيّه، واتجه شرقاً عبر الدرب المنطلق من أمام بيت كريم... نادى ولد كريم:‏
[size=12]-يا حسان!‏
[size=12]-خرج حسان مسرعاً:‏
[size=12]نعم يا سلمان ماذا تريد؟‏
[size=12]-ما رأيك بالذهاب إلى شجرات التين؟‏
[size=12]-أذهب معك... انتظرني قليلاً...‏
[size=12]دخل حسان إلى الغرفة الترابية الوسيطة، حمل سلة قصبية صغيرة كانت فوق المصطبة وخرج باتجاه رفيق الطفولة وأيام المدرسة سلمان ولد يوسف بوحمود...‏
[size=12]مشى سلمان ومن ورائه حسان عبر الدرب الضيق المؤدي إلى زاوية أرض شجرة التوت الشمالية الغربية... عند طرف الدرب الضيق القصير المؤدي إلى زاوية أرض التوتة تنتشر بعض أشجار الزنزلخت الصغيرة، وبعض شجيرات التوت...‏
[size=12]قبل أن يصلا إلى الزاوية حيث الدريب المؤدي إلى ساحة شجرة التوت، والدروب، لمحا ولد ابن الحمودة، وتمنّيا أن يذهب معهما، لكنهما قدّرا أنه منشغل برعي البقرة، أو بإصلاح حذائه المنكوب...‏
[size=12]قال حسان:‏
[size=12]-ولد ابن الحمودة مشغول إمّا برقع حذائه وإمّا برعي بقرة والده...‏
[size=12]قال سلمان:‏
[size=12]معنى كلامك أن لا ننادي عليه ليذهب معنا إلى شجرات التين التي في أرضكم أو أرضنا...‏
[size=12]تابع حسان وسلمان السير عبر الدرب حتى بلغا زاوية أرض شجرة التوت، كما سمتّها القرية كلها بنسائها ورجالها وأولادها وبذاكرتها...‏
[size=12]الدرب القادم من جهة بيت كريم والد حسان ومن جهة بيت يوسف بوحمود والد سلمان يلتقي عند زاوية أرض شجرة التوت، بالدرب القادم من جهة بيت ابن الحموده ومن جهة الساقية الشمالية والدكان. سلمان وحسان انعطفا إلى جهة شجرة التوت عبر الدريب الصغير، وبقي الدرب القادم من جهة الساقية وبيت ابن حمودة مقفراً إلا من بعض الطيور التي راحت تبحث عن شيءٍ تنقره إما لتأكله، وإما لتحمله في منقارها لتبني به أعشاشها...‏
[size=12]قال حسان: أبو يوسف نائم على الحصير المفروش على مصطبة شجرة التوت، وأم يوسف موجودة في البيت.‏
[size=12]-تكون أم يوسف نائمة في البيت على المصطبة الداخلية.‏
[size=12]-في هذا اليوم الحار تنام على المصطبة مثل أبي يوسف.‏
[size=12]نظر حسان إلى أبي يوسف، وهو نائم وقال:‏
[size=12]عينا أبي يوسف النائمتان كم يبدو عليهما التعب يا سلمان...‏
[size=12]-هو شقي كثيراً في حياته يا حسان.‏
[size=12]-لكنه رغم تعبه القديم في الفلاحة والسفر ورغم فقره فهو لا يمرض، ولا يترك الدخان وشرب الشاي وأكل /القمحية/ المتبلة باللبن.‏
[size=12]عبر حسان وسلمان شجرة التوت وأبا يوسف إلى حيث شجرات التين دون أن يحدثا أية ضجة أو فوضى، حتى إنهما أسرعا في مشيتهما دون إصدار أية أصوات قوية خشية أن تخافهما العصافير التي على أغصان التوتة، وتطير مسرعة، فتصدر بخفق أجنحتها صوتاً قد يوقظ أبا يوسف ويزعجه...‏
[size=12]عندما وصلا إلى شجرة تين أنزلا سلتيهما القصبيتين، وراحا ينظران في جهات الأغصان بحثاً عن الثمرات الناضجة...‏
[size=12]قال سلمان:‏
[size=12]-انظر إلى ابن الصبرة، إنه يفلح أرضه القريبة من ساقية المراعي... ومعه ولده حمدان...‏
[size=12]-حمدان يزيدني سنتين... وأنت كم سنة يزيدك؟؟‏
[size=12]-يزيدني سنة ونصف السنة، لكنه لا يزيدني في الدراسة إلا صفاً واحداً... هو في الحادي عشر وأنا في العاشر...‏
[size=12]-وسمر بنت ابن الأحمد كم تزيدك؟؟‏
[size=12]-تزيدني سنة فقط، وهي في صف ولد ابن الصبرة.‏
[size=12]-لكن من يراها يعجب من أمرها وأمر حسنها، فهي صارت صبية كبيرة وجميلة.‏
[size=12]-وهي تسبق ولد ابن الصبرة بالعلامات... والنجاح.‏
[size=12]-وابن الحمودة كم يزيدنا؟؟‏
[size=12]-ابن الحمودة يزيدنا أربع سنوات تقريباً وهو الآن في الجامعة...‏
[size=12]انقطع حديث سلمان وحسان لأن صوت ابن الأحمد جاء قوياً ناقماً وهو ينادي سمراً...‏
[size=12]-يا سمر أين أنت؟‏
[size=12]-أنا هنا عند أمي أساعدها بتقريص العجين.‏
[size=12]تعالي واغلي الشاي بسرعة.‏
[size=12]نظر حسان وسلمان إلى جهة بيت ابن الأحمد، فألفيا سمراً تقبل مسرعة باتجاه والدها...‏
[size=12]قال حسان:‏
[size=12]والد سمر صعب في حياته، وصوته قوي يا سلمان.‏
[size=12]-ولا يطعم أولاده من الأكلات التي يحبها.‏
[size=12]قالت لي سمر: "تصور يا حسان: أن والدي يضع علبة الحلاوة في صندوق الأحذية، ويقفل عليها كي لا نأكل منها... ولا يسمح لأحد منّا أن يشرب الشاي إلا في حضوره، ويضربنا ضرباً قوياً إذا علمَ أن واحداً منّا أكل حبة مشمش واحدة، عن شجرات المشمش دون رغبته وإرادته وأوامره"...‏
[size=12]وصلت سمر إلى حيث جلس والدها وابن الحمودة، وهي خائفة أشد الخوف من أن يضربها لاعتقادها أنها تأخرت في الركض إليه.‏
[size=12]قال لها بصوت متوسط القوة:‏
[size=12]-أسرعي واغلي لنا إبريقاً من الشاي.‏
[size=12]-قال لـه ابن الحمودة:‏
[size=12]-لا داعي للشاي ولا لغيرها.‏
[size=12]كان المساء يحبو كسولاً، وكانت دجاجات أم يوسف تأخذ دربها باتجاه ساحة البيت، حيث نثرت أم يوسف لها بعض حبات القمح وراحت تنادي...‏
[size=12]تعاه تعاه تعاه... بيتي... بيتي... بيتي...‏
[size=12]وكانت الدجاجات تلبي النداء راكضة باتجاه أم يوسف... بعضها ركض عبر الدريب المنسرب بين حفاف أرض التوتة وبين جرن قشر القمح والمصطبة، وبعضها لم ينتظر أن يعبر من هذا الدريب المغطى بأغصان التوتة والمحوط بحفاف الأرض وحفاف المصطبة، بل تراكضت من جهة المصطبة الشرقية، تاركة (مصعها) على المصطبة كهدية رمزية للجيران أو لأم يوسف، التي ستقوم بكنسه...‏
[size=12]وكان شعر سمر يتأرجح كغابة سوداء صغيرة مع النسيم وهي تساعد أمها بالخبز، على التنور، المجاور لشجرة الزيتون الكبيرة، والقريب من الدرب الواصل بين بيت ابن الأحمد وبيت ابن الحمودة وشجرة وبيت أبي يوسف...‏
[size=12]وكانت زوجة ابن الحمودة تسعى في جهات الأرض القريبة من البيت بحثاً عن شيء أضاعته، أو عن طائر سقط من أفق شجرة التوت... في هذا الوقت كان سلمان وحسان ملأا سلتيهما تيناً، وعادا باتجاه الدرب وشجرة أبي يوسف.‏
[size=12]قال سلمان:‏
[size=12]ما أشهاها رائحة الخبز الساخن، المخبوز على نار الحطب!!‏
[size=12]رد حسان:‏
[size=12]-وتزداد رائحته طيباً، إذا كانت سمر ترققه بيديها...‏
[size=12]صمت سلمان، وراح يتأمل كلمات حسان، قال في سره: "فعلاً سمر تطيّب الخبز إذا رققته بيديها، وتزيده لذة... لكن الذي يحيرني في كلمات حسان... أنها كلمات عميقة وقد يكون قرأ رسالتي التي وضعتها لها في الكتاب منذ أيام"...‏
[size=12]قال حسان:‏
[size=12]مالك يا سلمان لا تتكلم... ها قد وصلنا إلى تخوم بيت أبي يوسف... وها شجرة التوت خضراء وارفة الأغصان، والعصافير منتشرة في جهاتها... وصوت أبي يوسف مسموع:‏
[size=12]-أنت يا بن الصالح قصتك مع زوجتك قصة، تختلف معها على كل شيء...‏
[size=12]-أنا لا أتحمل ولا أصبر مثلك يا أبا يوسف... سمعته أم يوسف فجاء صوتها كالبارود:‏
[size=12]-أنت با ابن الصالح لا تستحق النعمة... زوجتك خير الزوجات، لكنك أنت لا تشكر...‏
[size=12]قال أبو يوسف بصوت خفيض:‏
[size=12]-اسكت أحسن من أن تنال حسابك من لسانها...‏
[size=12]-لو عرفت أنها مستيقظة لما تكلمت كلمة وحدة عن أموري مع زوجتي...‏
[size=12]-وأنا مثلك اعتقدت أنها نائمة، وهي ربما كانت نائمة، لكنها كالخلد تسمع وهي مغمضة عينيها، وخاصة إذا كان الكلام يخصها أو يخص أي واحد من أقربائها...‏
[size=12]قطع حديث أبي يوسف وابن الصالح سلام حسان وسلمان:‏
[size=12]السلام عليكما:‏
[size=12]قالها سلمان وحسان معاً‏
[size=12]ورد ابن الصالح وأبو يوسف السلام معاً أيضاً:‏
[size=12]-وعليكما السلام‏
[size=12]وزاد أبو يوسف:‏
[size=12]وطيب الكلام، وتفضلا بالجلوس قرب ابن الصالح المقدام، الذي لا يضام، إلا من زوجته حين تنام، ومن عمتها أم يوسف التي لا ينقطع صوتها كالحمام... وقبل أن يجلسا جيداً، خرج صوت أم يوسف:‏
[size=12]-أنت يا أيا يوسف لا تعرف أن تسكت... خاصة وقت يكون ابن الصالح.‏
[size=12]فقال لها أبو يوسف: -عندي الآن ابن الصالح، وسلمان ولد صاحب الدكان وحسان ولد كريم اليقظان، ومعهما من التين سلتان ممتلئتان، فهل لك أن تأتي وتأكلي وتريحي من صوتك الأنام؟!.‏
[size=12]اقترب حسان وسلمان من أبي يوسف، فبدا لهما وجهه المتعب، وبدت تجاعيده، وبدت عيناه الضيقتان، وشفتاه المشققتان ويداه المرهقتان.‏
[size=12]قدما لـه سلتي التين. قال لـه حسان:‏
[size=12]-نتمنى أن تأكل من سلتينا وأن تحكي لنا...‏
[size=12]-سآكل بعض الثمرات الناضجة، لأن أسناني لم تعد قادرة مثل أسنانكم على أكل الثمرات الفجة غير الناضجة، وسأحكي لكما ولابن الصالح عن ابن الأحمد وقصتي معه ومع الطيور والدبق...‏
[size=12]ابن الأحمد منذ شبابه المبكر لا يعرف أن يعيش إلا كما يعيش الآن، يشتري بكل ما يملك ويأكل فيه، وعندما لا يجد شيئاً يأكله، يحمل قضبان الدبق ويتجه إلى أشجار التوت لينشر فيها الدبق، ويمسك العصافير ويذبحها، وينتفها ويطبخها بالزيت ويأكلها وحده لامع أحد من أهل بيته ولا من أهل ضيعته إلا مع من يوافق طبعه طبعهم...‏
[size=12]في يوم من أيام بؤسه الشديد وإفلاسه وجوعه، حمل قضبان الدبق واتجه إلى هنا إلى شجرة التوت...‏
[size=12]سألته: أراك تحمل قضبان الدبق، معنى ذلك أنك لا تملك ما تشتري به حلاوة أو غيرها...؟‏
[size=12]-أنت أدرى بحالي يا أبا يوسف.‏
[size=12]-وما الذي جاء بك إلى هنا، وأنت تعرف أن شجرة التوت هذه برية، وعصافيرها أقل من عصافير سواها من الأشجار...‏
[size=12]وهل مثلاً جربت طيور أشجار الدلب التي على الساقية؟!..‏
[size=12]جربتها مرات عديدة، وكنت لا أوفّق كثيراً، في إمساك الطيور، لأن النبع قريب منها، والقادمون إلى النبع لا ينقطعون...‏
[size=12]-وهل تعتقد أن القادمين إلى شجرة التوت سينقطعون؟...‏
[size=12]-ربما يحالفني الحظ عندك وأمسك ببعض الطيور الكبيرة، فتكون طعاماً شهياً لأخيك ابن الأحمد...‏
[size=12]-سأسمح لك بنشر قضبان دبقك على مضض يا ابن الأحمد.‏
[size=12]-ولماذا على مضض؟؟‏
[size=12]-لأنني لا أتمنى أن تقتل عصافير شجرة التوت هذه، فالطير خير وبركة، وأنا أرتاح للتغريد في الأصباح والهواجر والإمساء...‏
[size=12]لكن ابن الأحمد يا ابن الصالح ويا سلمان ويا حسان نفذ رغبته، نزع حذاءه الجلدي من قدميه، وتسلق جذع التوتة بصعوبة، وغامر ونشر قضبان الدبق في أنحاء شجرة التوت، ونزل وجلس على المصطبة... لف لفافة دخان عريضة، وأشعلها وراح يعب منها أنفاساً عميقة وينظر إلى القضبان والطيور.‏
[size=12]بقيت القضبان منشورة أكثر من ساعتين، لكنها لم تمسك العصافير.. ومن بين الطيور التي كانت في جهات شجرة التوت طائر أخضر الجناحين كبير، بقي طوال الوقت، يحلق في سماء التوتة ويغرد تغريداً بعيداً حزيناً ثم يعود وينظر إلى قضبان الدبق، ومن ثم يحلق ويغرد تغريداً حزيناً...‏
[size=12]وعندما يئس ابن الأحمد من قضبان الدبق، تسلق الجذع وجمع القضبان، وانتعل حذاءه وراح محزون البال تعيس الحال، والطائر الكبير أخضر الجناحين حلق بعيداً، واختفى أياماً متتابعة، لا يقترب من التوتة، لا نسمع تغريده ولا نرى جناحيه، ويومها قلت لابن الأحمد:‏
[size=12]بقضبان دبقك خسرنا الطائر الكبير وتغريده الحنون وجناحيه الكبيرين الأخضرين.‏
[size=12]فرد عليّ يومها ابن الأحمد:‏
[size=12]أنت تفسر أمور الطيور وشجرة التوت وكأنها مثل الأنبياء... طول بالك يا أبا يوسف!‏
[size=12]غياب الطائر الكبير ليس قضية القضايا...‏
[size=12]-لا يا ابن الأحمد... لا تتسرع في إطلاق أحكامك... ولا تجعل من بطنك محط اهتمامك وشغلك الشاغل...‏
[size=12]***‏
[size=12]-هل شاهدت، الآليات التي جاءت،وبدأت تسد الساقية الشمالية يا أم يوسف؟‏
[size=12]-سمعت أصواتاً قوية وغريبة لكنني لم أعرف ما هي هذه الأصوات، ولا من أين جاءت...‏
[size=12]-إنها أصوات الآليات التي تسد الساقية...‏
[size=12]دار هذا الحديث السريع بين أم يوسف وزوجة ابن الحمودة، وأصوات الآليات التي تحفر الساقية وتردم التراب لتجعله سداً في وجه الماء قوية ترج وتمزق هدأة وطمأنينة قرية شجرة التوت ومراعيها وينابيعها كما جاء على لسان ولد ابن الحمودة...‏
[size=12]أم يوسف وزوجة ابن الحمودة أخذهما حديث السد الجديد على الساقية الشمالية، وولد ابن الحمودة وابن الصالح وابن الصبرة أيضاً أخذهم الحديث عن أيام الساقية والينابيع وأحمال الحطب، والسد الذي سيحقن وراءه الماء.‏
[size=12]سأل ولد ابن الحمودة أبا يوسف:‏
[size=12]-ما رأيك أبا يوسف بهذا السد الجديد الذي سيجمع الماء وراءه؟‏
[size=12]-هذا السد يا بني أمره عجيب مثل بطن ابن الأحمد...‏
[size=12]نظر ابن الصالح وابن الصبرة بدهشة إلى أبي يوسف...‏
[size=12]سأل ابن الصبرة:‏
[size=12]-ما علاقة السد ببطن ابن الأحمد؟؟‏
[size=12]-بطن ابن الأحمد إن امتلأ ارتاح، وإن لم يمتلئ فقصته قصة وغصته غصة، لكنه في أيام كثيرة لا يمتلئ إلا بالطيور المطبوخة بالزيت، التي يحرمنا من أنسها وتغريدها، والسد لا يمتلئ إلا بعد أن يحرمنا من ماء الينابيع وقد تنتشر فيه الأفاعي، وقد يغرق فيه بعض أولادنا...‏
[size=12]سمع ابن الصبرة وابن الصالح وولد ابن الحمودة كلمات أبي يوسف، وامتلؤوا بصداها ورنين حروفها، وأخذتهم هواجسهم بعيداً... وخافوا خوفاً شديداً من خراب الينابيع وانتشار الأفاعي...‏
[size=12]زوجة ابن الحمودة قالت لأم يوسف:‏
[size=12]-أنا غير مطمئنة لهذا السد يا أم يوسف.‏
[size=12]-طولي بالك، واطلبي الخير ولا تطلبي الشر.‏
[size=12]***‏
[size=12]امتلات القرية بضجيج الآلات وغبار حفرها، وخافت هواجس جيران شجرة التوت... وصارت عيونهم معلقة بجهة بيت أبي يوسف وشجرته.‏
[size=12]زوجة ابن الحمودة قالت لأم يوسف:‏
[size=12]-صرت لا أتجه إلى أية جهة أو إلى أي بيت قبل أن أعاين شجرة التوت، خوف أن يصيبها غبار الحفريات.‏
[size=12]-أنت مثل أبي يوسف تحسبين لهذه الشجرة حسابات غريبة وعجيبة.‏
[size=12]-لا أعرف لماذا أنا متعلقة كثيراً بهذه التوتة، بأغصانها برائحة أوراقها بالطيور التي تجيء إليها... حين سافر ولدي لم ينس أن يودع أبا يوسف وشجرة التوت... وقال لي قبل السفر بيوم واحد:‏
[size=12]أتمنى يا أمي أن تحدثيني عن شجرة التوت وعن أبي يوسف:‏
[size=12]
[size=12]"أنا يا ولدي لا أعرف هذه التوتة إلا كبيرة وواسعة الأغصان، ولم أشاهدها في يوم من أيام الصيف إلا ممتلئة بالطيور، ولم أشاهد مصطبتها إلا مزدحمة بالجيران... إن لم يكن عند أبي يوسف ابن الصبرة وابن الصالح، يكون عنده ابن الأحمد ويوسف بوحمود وأبوك...‏
[size=12]أبو يوسف يا ولدي –في شبابه- كان يلقى الرجال ولا يهاب، وكان يجلب صيده من كف الوحوش، وكانت حالته تعيسة، وكان يركض الليل والنهار وراء اللقمة ورغيف الخبز، وكانت شجرة التوت يفيء إليها الناس في الصيف وتعطي الضيعة صورة حسنة.‏
[size=12]والدك وابن الصبرة وابن الصالح وابن الأحمد ويوسف بوحمود وكل الجيران لا يعرفون هذه الضيعة إلا وشجرة التوت موجودة فيها، وأغصانها تملأ الأفق.‏
[size=12]ابن الأحمد من أقسى الرجال وأصعبهم، وهو لا يذهب إلى بيت أحد في القرية، لكنه، يزور شجرة التوت، ويقعد مع أبي يوسف ويسمع أحاديثه وفي الأيام التي ينزل فيها إلى المدينة لشراء الحاجات، لا يصل إلى بيته إلا بعد أن يرتاح عند التوتة وأبي يوسف على المصطبة الترابية".‏
[size=12]درب ليس واسعاً تحف به أغصان الزيتون والتين يصل بيت ابن الأحمد ببيت ابن الحمودة وبيت أبي يوسف وبقية البيوت...‏
[size=12]انطلق ابن الأحمد عبر درب القرية من خلفه زوجته المصونة، تحمل على كتفها اليمنى كيساً أبيض مملوءاً بالتفاح وعلب الحلاوة، وبحذاء وشحاطة ذات قد ومد.‏
[size=12]اشتهر ابن الأحمد بهذه الطريقة الغريبة بالعيش، وبإحضار الحاجات، والاحتفاظ بها. قد يجمع في كيس واحد التفاح والأحذية، وقد يخبئ في صندوقه الخشبي العجيب علبة حلاوة وحذاء أتت عليه يد الخراب.. بعد وقفات قصيرة مع الجيران الذين صادفهم ابن الأحمد وصل إلى مصطبة شجرة أبي يوسف جاره العتيق، ووصلت معه زوجته:‏
[size=12]-قال أبو يوسف:‏
[size=12]-أهلاً بابن الأحمد وزوجته المعذبة بأكياسه.‏
[size=12]رد ابن الأحمد:‏
[size=12]-هذا قدر من يحبون بطونهم.‏
[size=12]-وماذا جلبت اليوم في هذا الكيس؟؟‏
[size=12]-جلبت التفاح والحلاوة وحذاء وشحاطة... قال ابن الصبرة:‏
[size=12]-ابن الأحمد لا يعيش إلا على كيفه.‏
[size=12]نظرت زوجة ابن الأحمد إلى ابن الصبرة نظرة عاتبة، وكأنها قالت لـه بعينيها:‏
[size=12]لماذا لا تعيش أنت مثل ابن الأحمد بما أنك معجب بحياته وعيشه؟!.‏
[size=12]قال أبو يوسف:‏
[size=12]-ابن الأحمد مثل أم يوسف طباعه صعبة، ونفسه قاسية لا تعرف اللين.‏
[size=12]قال ابن الصبرة:‏
[size=12]-معنى ذلك أن أم يوسف متحكمة بك كيف تشاء.‏
[size=12]-لا يابن الصبرة... صدور الرجال أعند من الصخور، فكيف إذا كان واحد من هؤلاء الرجال هو صاحب شجرة التوت البرية العتيقة؟!‏
[size=12]أنت على حق يا أبا يوسف.‏
[size=12]سألت زوجة ابن الأحمد:‏
[size=12]-أين أم يوسف؟‏
[size=12]-ذهبت لمشاهدة بنت أخيها زوجة ابن الصالح... قال ابن الأحمد:‏
[size=12]-معنى ذلك أننا لن نشرب الشاي؟‏
[size=12]-نشرب الشاي، وإذا أردت نأكل التفاح من كيس ابن الأحمد. ضحك ابن الصبرة ضحكاً عالياً ومثله ضحكت زوجة ابن الأحمد، لكن ابتسامة ابن الأحمد تعثرت بقسوته الدائمة، وعادت إلى مخبئها خائبة.‏
[size=12]قال ابن الأحمد:‏
[size=12]-فكي الكيس يا زهوة واطعمي أبا يوسف وابن الصبرة من التفاحات.‏
[size=12]-وأنا وأنت؟‏
[size=12]-من نسي بطنه أضر نفسه...‏
[size=12]فكَّت زوجة ابن الأحمد الكيس، وأخذت بعض التفاحات واتجهت إلى الجرة الكبيرة المستندة إلى حائط الساحة... غسلتها وعادت بها إلى الجالسين.‏
[size=12]أرض ابن الأحمد متاخمة لأرض كريم والد حسان من جهة، ولأرض يوسف بوحمود من جهة أخرى وقد سيجها ابن الأحمد بسياج من العيدان والحطب، وجعل للسياج أبواباً خشبية يسيرة يمكنه أن يدخل ويخرج منها...‏
[size=12]سمر وسلمان ولد بو حمود جلسا على المصطبة، دون أن يعطيا لجلستهما أي مظهر يوحي بالحب... سمر رغم أن سنها يقارب سن سلمان نضجت أنوثتها وتفتحت روحها على أنسام الحياة والهوى أكثر من سلمان... وصارت مبعث دهشة ولهفة وهيام سلمان، فصار يراها في نومه، ويناديها بأوصاف يتمنى لو يجرؤ على لفظها في يقظته... حتى في الرسالة التي بعثها لها، لم يجرؤ على كتابة أية كلمة من تلك الكلمات التي يمتلئ فمه وصوته بها أثناء نومه... وسمر تعرف تمام المعرفة ما يختزنه في صدره من حب لها، وهي تشعر بالحب لـه وبالارتياح.‏
[size=12]جلس سلمان على طرف البساط بعيداً عن سمر....‏
[size=12]قال سلمان:‏
[size=12]-هنيئاً لك يا سمر... الجميع يحبونك...‏
[size=12]لم تجبه بأية كلمة، مما جعل وجنتيه تزدادان احمراراً... بقي سلمان على جلسته، وسمر بقيت ملتمة على نفسها، رأسها على ركبتيها وشعرها الأسود الطويل تدلى فأخفى كامل وجهها كقمر وضاء أخفاه الليل.‏
[size=12]من بعيد نادت رباب:‏
[size=12]-يا سمر يا سمر.‏
[size=12]-نهضت سمر خائفة وأسرعت إلى جهة سلمان وقالت لـه بصوت منخفض:‏
[size=12]-والدي صار بين أشجار المشمش... اخرج من جهة أرض ابن الصالح
منقول
[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
sαяαн♔
كبار الشخصيات VIP
كبار الشخصيات VIP
sαяαн♔


مسآهمـآتــيً $ : : 2938
عُمّرـيً * : : 24
تقييمــيً % : : 52378
سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 61
أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 08/07/2011

شجرة التوت الفصل الثانى Empty
مُساهمةموضوع: رد: شجرة التوت الفصل الثانى   شجرة التوت الفصل الثانى Empty18/7/2012, 5:52 am

وِٱٱٱٱٱٱٱٱٱٱوِ

رٱئع ۂٱلفُصِصِل بّصِرٱحًۂۂ ٱكثًر منٌ ٱلٱوِل

متُحًمسًسًۂ لقَرٱءة ٱلثًٱنٌيّ

جَٱريّ قَرٱءتُۂ ٱلفُ شّكر لك عزيّزتُيّ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شجرة التوت الفصل الثانى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شجرة التوت الفصل الاول
» شجرة التوت الفصل الثالث
» شجرة التوت الفصل الرابع و الاخير
» مجلد اقتراحاتى ال الثانى ♪~
» هديه لجزئى الثانى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
*ღ منتديات احلى بنات للبنات فقط ღ*  :: ~►♥ اقـسـام الـعـبـر ♥◄~ :: أقلام أحلـى بنات ☁. :: أجمل القصص & الروايات ☕ !.-
انتقل الى: