للغضب الأهوج الشديد نتائجه على المديين المتوسط والطويل، فالأشخاص الغضوبون عادةً ما يفشلون في إنشاء علاقات وصداقات طويلة الأمد، وهذا يجعلهم أقل اجتماعية، ويجعل الآخرين يتعاملون معهم بحذر شديد اتقاء ثوراتهم الغاضبة لأقل الأسباب. ويقول رايموند تشيب تافراتي، عالم نفساني وأستاذ بجامعة «سنترال كونيكتيكت» ومؤلف كتاب «إدارة الغضب: سبع طرق للسيطرة على الغضب والتمتع بعيشة أسعد»: «يؤثر الغضب على علاقات الفرد الشخصية والمهنية بشكل سلبي، كما أنه يجعل صحته النفسية والبدنية هشةً وسهلة الاختراق». ومن بين عواقب الغضب أنه يزيد نسب الإصابة ببعض الأمراض. وفي هذا الصدد يقول أستاذ علم النفس بجامعة «هوفسترا» بنيويورك البروفسور هوارد كاسينوف: «حين يغضب الشخص، فإن نبضات قلبه تزداد وتتسارع، كما أن ضغط دمه يرتفع». ومع تكرار حدوث ذلك، يتأثر الجسم ويصبح أكثر عُرضةً للإصابة بأمراض القلب وضغط الدم وما يرتبط بهما. ويضيف «كشفت دراسات عديدة أن معدلات الإصابة بجلطات القلب لدى الأشخاص الغضوبين مرتقعة بالمقارنة مع غيرهم».
كظْم وحَرَقَان:
إن تشخيص الغضب اضطراباً عصبياً سلوكياً لا ينحصر في رفع الشخص لصوته أو الصراخ في وجه الآخرين، فـ»ليس هناك مظهر واحد من مظاهر الغضب أو طريقة واحدة تعكس شدة الغضب، وإنما هناك مظاهر عديدة»، يقول تافراتي. ويميل بعض الناس إلى الغضب التعبيري، بحيث يتصفون بعدوانية لفظية أو ينساقون إلى عراكات بدنية عندما يبلغ غضبهم أوجه. بينما هناك أشخاص آخرون غضوبون أيضاً، لكنهم يفضلون عدم الاصطدام مع الآخرين من خلال كظم شدة غيظهم، وهم من النوع الذي يغضب بشدة، لكن لا ينفجر، كما يقول كاسينوف. وهذا الصنف من الغضوبين يعانون حرقان الغضب داخلياً وفي أذهانهم، دون ترجمته إلى أقوال أو أفعال خارجية.
تملص عاطفي:
لا يقبل غالبية الغضوبين فكرة حاجتهم إلى المساعدة أو العلاج. فهم قد يفسرون غضبهم بتعمد الآخرين استفزازهم أو هضمهم حقوقهم. فمشكلات الرجل الأُسرية تُلقى على الزوجة، والصعوبات في العمل تُلقى على الرئيس في العمل، ومشكلات القيادة في الطريق تُلقى على سائقين آخرين. وهكذا نجد الغضوب يرفض تحمل المسؤولية العاطفية الشخصية عن ثوراته العصبية وهيجانه. وعندما يكون الغضوب مدركاً للمشكلة العصبية التي يعانيها، فإن ذلك يساعده على التخلص منها.
نظريات حديثة تقوم النظريات الحديثة لإدارة الغضب على تعليم الغضوبين كيفية مقاومة الغضب في أكثر الوضعيات استفزازاً وإثارةً للتوتر من خلال تقنيات الاسترخاء والعلاج المعرفي الإدراكي، وهي تدرب الشخص في الوقت ذاته على مهارات حياتية أخرى تجنبه الغضب، وتساعده على التحول من شخص غضوب إلى شخص حليم وماهر في امتصاص غضب الآخرين. وهذا ينعكس إيجاباً على عمله وحياته الأُسرية، ويساعده على تطوير مشاعره الإيجابية وتنميتها، وتفادي حالات الشعور بالندم بعد فوات الأوان. وبينما يصف علماء النفس رد فعل الغضوب بكونه يحقق له مكسباً عاطفياً فورياً ويجعله يشعر بذاته ورد الاعتبار، فإن خسارته على المديين المتوسط والبعيد تفوق ذلك المكسب العاطفي الوهمي الضيق الذي ينقضي ويتلاشى بعد ثوانٍ معدودة.