نشأت مدينة البندقية عام 800 قبل الميلاد في بيئة " نهرية تنتشر بها المستنقعات" ويعتقد أنه كان هناك تجمعات بشرية منذ عصور ما قبل التاريخ نظرا لغناها بالثروات. فقد كانت المدينة قائمة على الصيد البرى والبحرى.كانت الحضارة في عصر ماقبل الحضارة الرومانية ,أى في عهد الفينيقيين القدماء,راسخة بشكل جيد في منطقة شعبها قائم على صيد الأسماك وإنتاج الملح والنقل البحرى وأنشطة أخرى ذات صلة بالتجارة. كما كانت المدينة مركزا للاتصال التجاري الذي يربط المدينة بوسط وشمال أوروبا.ففى هذه الفترة تطورت بعض المستعمرات.هذا وقد عزز قدوم الرومان من هذا الموقع كما عززها أيضا نظام الموانئ، في حين أن المناطق النائية قد تم استصلاحها وهذا شىء واضح للعيان ,أيضا في تنظيم الطرق أصبحت المدينة وفقا "لكرونيكون ألتيناتا" أول مستعمرة في منطقة ريالتو وذلك في يوم الخامس والعشرين من شهر ديسمبر عام 402 م وبمباركة من كنيسة سان جاكوميتوا التي تقع على ضفاف القناة العظمى.سعى سكان المنطقة اليابسة للفرار في أعقاب موجات مختلفة من غزوات البربر التي كانت تتم في القرن الخامس من قبل الهون عام 452 ومن اللومبارديين عام 568.على أية حال فإن البندقية تبدو الآن وكأنها مجموعة من المستوطنات الصغيرة غير المتجانسة. تم إعطاء أهمية كبرى للمناطق المجاورة مثل تورشيللو، أميانا، ميتاماكو.في الوقت نفسه نقلت إلى منطقة البحيرة أكبر المعاهد الدينية مثل معهد البطريرك أكوييلا أجرادو، ومعهد الأسقف ألتينو أتورشيلو. اتحدت المدينة مرة ثانية مع جميع إيطاليا عام 554 تحت إمبراطوريه أغسطس وظهر من جديد غزو اللومبارديين عام 568.فقد البيزنطيون أجزاء كبيرة من المدينة واحتفظوا فقط بالشريط الساحلى. في هذا الوقت أصبح اسم فينيسيا ,الذي كان يشير إلى جميع أنحاء المدينة تقريبا, يشير فقط إلى منطقة البحيرة. في عام 697 نشأت " البندقية" كدولة مستقلة على يد الحاكم البيزنطى لرافينا، وكانت عاصمتها "إراكليانا" ثم "ماتيماوكو". في أعقاب محاولة غزو على يد شارلمان ,أصبحت "ريالتو " عام 821 عاصمة "دوق فينيسيا" ثم أصبح اسم الإقليم والدولة فينيسيا. أدى التقارب مع الإمبراطورية الفرنسية والعلاقات المتميزة مع الشرق البيزنطى ,والقسطنطينة إلى جعل المدينة واحدة من البوابات الرئيسية للتبادل بين الشرق والغرب. كما سمح بنمو الطبقة التي تعمل بالتجارة ,والتي حولها على مدار أربعة قرون من مستعمرة بعيدة إلى سيدة البحر ومستقلة تماما. أصبحت المدينة واحدة من "الجمهوريات البحرية" وتذكيرا لها يوجد تمثال أسد سان ماركو الذي يرمز للمدينة ويظهر في الشارات البحرية للعلم الايطالى جنبا إلى جنب مع رموز جنوة، وبيزا, وأمالفى. كان يطلق على رئيس حكومتها لقب دوق " وباللاتينية دوكس" الذي رأى مع مرورالزمن أن سلطته كانت دائما مقيدة من قبل أعضاء جدد بالمؤسسات. وجد كثير من دوق فينيسا أنفسهم مضطرين للحصول على التصويت وذلك لأن المواطنين كانوا يعتقدون أنهم كانوا راغبين في السلطة، فبعضهم قد تم قتلهم أو فقدوا بصرهم. سيطرت فينيسيا في القرن الثالث عشر على جزء كبير من ساحل البحر الأدرياتيكى وعلى أقاليم دالماتسيا وأستريا وكثير من جزر إيجو ,وكريتا ,وتشيبرو، وكورفو وكانت أهم قوة عسكرية ومن بين القوى التجارية الرئيسة في الشرق الأوسط. كما أمتدت أراضى الجمهورية في القرن الخامس عشر ليشمل نهر أدا بأوستريا ,وجزء من إقليم بيلونو، الذي يقع في بولوزينة. بدأ الشعور بالانهيار بدءً من القرن الخامس عشر بسبب أحداث تاريخية منها زيادة قوة العثمانيين ,وانتقال التجارة نحو الأمريكتين الأمر الذي أدى إلى ضرب هيمنة المدينة بحريا بشدة والذي أنهى مصالحها الاقتصادية إلى داخل البلاد. في يوم السابع من شهر نوفمبر عام 1866 أدى دخول فيكتور إمانويل الثاني في القرن الثامن عشر في جعل المدينة أحد أروع المدن في أوروبا,وجعل لها تأثيرا قويا في الفن ,والعمارة, والأدب، لكن هذا لم يكن إلا مجرد حلم . بعد أكثر من ألف عام من الاستقلال ,وفى الثاني عشر من شهر مايو عام 1797أضطر الدوق لودوفيكو مانينى والمجلس النيابى برئاسة نبليون إلى التنازل عن العرش لإعلان "حكومة طارئة لبلدية البندقية". مع معاهدة كامبوفورميو التي كانت بين الفرنسيين والنمساويين ,تم ألغاء وجود بلدية فينيسيا وذلك في يوم السابع عشر من شهر أكتوبر عام 1797. فقد تم التنازل للنمسا عن فينيتو، وأوستريا ودالماسيا وثغور كاتتارو التي كونت مقاطعة فينيتو بالإمبراطورية النمساوية البلغارية.وبعودتها إلى الفرنسيين كانت تابعة للنمسا حتى وحدة إيطاليا. في عام 1848 شاركت المدينة بشكل نشط في الحركات الثورية وفى محاولة من دانييله مانيم أصبحت ,لفترة قليلة مستقلة مع جمهورية سان ماركو المؤسساتية. وبعد عام من الحصار من قبل النمساويين ,اضطرت المدينة للاستسلام في يوم 22 أغسطس عام 1849. في عام 1866 أصبحت المدينة جزء من مملكة إيطاليا وقد تم التصديق على الانضمام في يوم 21 أكتوبر عام 1866 والذي شهد فوز بنسبة 99% بالموافقة على التصويت لصالح الناخبين النشطاء. في عام 1883انضمت إلى فينيسيا مقاطعة مالاموكو والتي تضم جميع أراضى جزر الليدو بفينيسيا. في يوم 24 من شهر مايو لعام 1915 دخلت إيطاليا في الحرب العالمية الأولى جنبا إلى جنب مع قوات التحالف.مع انسحاب كابوريتو بعد محاولة يائسة للدفاع عن المدينة وقاعدتها البحرية الهامة وقف الجيش الإيطالى على طول بيافه حيث شارك في معركة طويلة من المقاومة. وجدت فينيسيا نفسها بسبب قربها من جبهة القتال تعانى من العديد من الهجمات الجوية من قبل النمسا وبلغاريا والتي سببت أضرارا جسيمة بالمدينة. في عام 1917 تم دمج منطقة بوتينجو (الذي تغير اسمها إلى مارجيرا) إلى مدينة فينيسيا وبدا بناء مرافق ميناء مارجيرا الجديد. شهدت المدينة في العشرينات زيادة ملحوظة في أراضيها بفضل ضم مدينة بورانو ,ومورانو، وبالليسترينا عام 1926 وكيريناجو وزيلارينو وميسترى وفيفارو فينيتو عام 1926. أدى انضمام الأراضى اليابسة إلى نشأة الصناعة بمارجيرا وذلك بسبب سياستها الاقتصادية في تلك السنوات.فقد أثبتت فينيسيا بسبب هيكلتها الحضرية على عدم قدرتها على تكوين مدينة صناعية على الرغم من توافر أيدى عاملة كبيرة. فقد أصبح التوسع في المنطقة اليابسة هو الحل الضرورى لتطور المدينة البحيرية. في عام 1933 تم تشييد جسر برى بين فينيسيا والمنطقة اليابسة. كانت مراكز مارجيرا ومايسترى تعانى من القصف الجوى الثقيل أثناء الحرب العالمية الثانية. شهدت المدينة نمو سكانى بالمنطقة اليابسة مما جذب مهاجرين من جميع أنحاء المناطق الداخلية ومن المركز التاريخي ذاته. وبالتوازى مع هذا التوسع شهدت المدينة هجرة من معظم سكان المركز التاريخي. ونتيجة لذلك توجد بالمنطقة اليابسة ضعف سكان جزر المدينة. أصبحت الزيادة الديموغرافية لميسترى مسببة للدوار بداء من الستينات عندما أضيفت لسياسة الإسكان والعمل التي كانت لا تحبذ سكان البحيرة والأثار المدمرة لفيضان 1966 الذي أظهر ضعف الطوابق السفلية بالمدينة. التطور الذي لا يصدق الذي حدث في المدينة تم في فترة وجيزة وبدون خطة منظمة. في مساء الحادي عشر من شهر سبتمبر عام 1970 ضرب المركز التاريخي إعصارا بقوة إف 4 بمقياس فوجيتا والذي سبب أضرارا بالغة من بينها غرق زورق أكنيل الذي تسبب في مقتل 21 شخصا. أدت أزمة الصناعة الكيميائية ما بين الثمانينات وأوائل التسعينيات وتقليص المدن الكبيرة بشمال إيطاليا في ميسترى والضواحى المجاورة إلى تسجيل انخفاض كبير في السكان. |