كنتُ اجلس على ارضية صالة منزلنا الخشبية و المليئة بالغبار , أُشاهدُ كرتوني المفضل على تلفازنا القديم.
وفجأة , سمعت صوت الرعد الغاضب والمرعب من الخارج والذي صاحبه فقدان الارسال الذي اصابني باحباط شديد.
اعتدتُ ان احب المطر , لا بل كنت اعشقه ! كنت اطيرُ من الفرح عند هطول المطر وأُسارع الى الشارع و العب تحت القطرات
الباردة و افتح فَمي الصغير لالتقطها بلساني.
ولكن الآن , تغيرَ كُلُ شيء.
حاولت ان اُصلِح التلفاز بتحريك الاسلاك و هزِّه , ولكن دون جدوى.
ضربت بقبضة يدي الصغيرة على الشاشة البيضاء بغضب ويأس , ذهبت الى غرفتي حزيناً و اتجهت نحو الشرفة
فتحت النافذة و نظرت الى الخارج.
التقت الرياح الباردة وحبات المطر الخفيفة مع وجنتاي , مُسببة لي القشعريرة
فركت يديّ حول ذراعيَ محاولاً توليد بعضِ الدفء في هذا الجو البارد , رأيتُ (عبدالله) صديقي المقرب و جاري, يساعد أباهُ في نقلِ اغراض الدُكّان الذي
يمتلكهُ الى داخل المنزل كي لا تتلفه هذه الامطار الكثيفة.
نظرت الى السماء الرمادية , فرأيتُ الغُيومَ السوداء الغاضبة تحجبُ الشمس التي اصبحتُ احبها مؤخراً.
اصبحت حياتي غريبة جداً , تحولتُ مِن الطفل السعيد والنشيط و المليء بالمرح الى الولد البائس , الهادئ و التعيس.
ما الذي جرى لي؟ لا اعلم مطلقاً , كل ما اعرفه انني اصغر بكثير على ان اعيش على هذا الحال
من المفترض انني الان في المدرسة , اتعلم و العب مع اصدقائي و اعيش بأمان وحرية وفرح
ولكن هذا ليس مايحصل الان.
فأما عن مدرستي , فقد تدمرت بالكامل!
لمَ؟ ما السبب ؟ وما ذنبنا نحن؟
لا اعلم.
وأما عن اصدقائي , بعضهم من مات وبعضهم من رحل هارباً من الهلاك
وبعضهم من اصبح يتيم الام والاب.
لمَ؟ ما السبب؟ وما ذنبنا نحن؟
لا اعلم.
واما عن الامان والحرية , فلقد حُذِفت هاتين الكلمتين من قاموس بلدتنا !
لايوجد ما يسمى ب "الامان" بعد الان !
لمَ؟ ما السبب؟ وما ذنبنا نحن؟
وهل لنا ذنبٌ اصلاً؟!
لا اعلم!
لا اعلم!
لا اعلم!
يُتبع :منب: