رأيتُ نوراً كنورِ البدرِ حين بدت
تلك المليحةُ يكسو وجهها السعدُ
يقالُ للعقدِ فوقَ الجيدِ زينهُ
كما يقالُ للجيدٍ زانهُ عقدُ
وجيدُها تحتَ ذاكَ العقدِ زينهُ
يكادُ منه جمالُ العقدِ أن يبدو
قد مالَ قلبي وقد مالت بهِ وجلاً
لما تبهنسَ منها الخدُ والقدُ
واهتز شعرٌ كشلالٍ على جبلٍ
ولونهُ الليل لكن عنه يسودُ
وأظهرت فتنة لا وصف يرسمها
فلا شبيها لها في الحسن أو ندُ
لو لا تفحصتها من كل زاويةٍ
بأنها بشرٌ تبدو كما نبدوا
لقلتُ حورية من عرشها نزلت
بساقها المخ يبدو حين تشتدُ
ترى العروق التي تخضر في يدها
والوجنتان التي يكسو لها الوردُ
والثغرُ قوس هلالاً تحت بسمتهِا
والصدر يصدر صوتاً حين يرتدُ
والخصر يرقص فوق الورك مرتجفاً
والضهر جزرٌ إلى أردافها مدُ
والساق أبيض لا ماءٌ ولا لبنٌ
كالرمل يبيض حيناً ما ويرمدُ
جلست أرسمها شعرا وأكتبها
حتى رأتني وغشى وجهها الحقدُ
فزاده رونقاً حتى تجهمها
سحرٌ فكيف يكون العطفُ والودُ
تقول والجفن فوق الجفن ملتصقٌ
كالبوةٍ حط في محرابها فهدُ
من أنت يا أيها المجنون قلت أنا
قالت نعم أنت هل في عقلهِ رشدُ
من يستبيح حمانا ثم يرصدنا
أم أنت لصٌ سيدمي ظهرك الجلدُ
فقلت لا ذاك أو هذا أنا رجلٌ
ألقى به الحظ واستشرى به الوجدُ
فهل تجيدين علم الطب سيدتي
حمى بجسمي فهل في صيفكم بردُ
مدت يداها إلى خدايَ قائلةً
أرآك مرتجفاً قد نالك الجهدُ
قم فتكأ فوق أكتافي فقلت لها
لا أستطيع فقد يودي بك القصدُ
قالت أتخشى ظنون القوم قلت بلى
وقد يكون جزاءُ العاشقِ الطردُ
قالت أعد قلت أعني عشق سمعتكم
المجد أنتم ولي في عشقكم مجدُ
تبسمت وهي تدري ما عنيت له
وعلقت كتفي واحتاطها الزندُ
وحوطتني ذراعاها وأنعشني
عطرٌ ينسنس من أبطيهما المردُحورية من عرشها نزلت