في هذه الأيام يتردد على أسماعنا الحديث عن فصل الشتاء
بل ونحسه ونستشعره استشعاراً فنشتاق إلى أيامه وقد نكون ممن يعيشه
ولذا لنا مع هذا الفصل وقفات . ومما يميز هذا الفصل عن باقي فصول السنة
برده ومطره وطول ليله وقصر نهاره وجمال جوة ومما قيل في الشتاء : كم يكون الشتاء ثم المصيف وربيع يمضي ويأتي الخريف وارتحال من الحرور إلى البرد وسيف الردى عليك منيف وفي الشتاء تهاجر الطيور تاركة اوكارها هرباً من البرد
والمطر إلى المناطق الدافئة وتخلد الحيوانات في سباتها الشتوي . ويخلع الناس الملابس الخفيفة ويرتدون ما يقيهم البرد
من ملابس ثقيلة. ولكن يظل هذا الفصل يحمل الكثير
من المعاني والدلالات التي لا يحملها غيره من باقي الفصول
فالناس يستبشرون بالشتاء ويطربون لأجوائه وتلبد
غيومه ودوي قصف رعوده وفيه تكتسي الأراضي الخضراء
حلة بيضاء وكأنها عروس في ليلة عرسها ما أجمل هذا المنظر وما أروعه . والشتاء ربيع المؤمن لأن فيه يرتع في بساتين الطاعات
ويسرح في ميادين العبادات . فعن أبي سعيد الخدري–
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( الشتاء ربيع المؤمن طال ليله فقامه وقصر نهاره فصامه )) فيا فصل الشتاء يا رحمة الله المنزلة علينا غيثاً ومطراً
به يحي الله الأرض بعد موتها يا أيام البركة
بها تفتح أبواب السماء بماء منهمر وتنشق الأرض
عن خيرات تتفجر بإذن الله فتصبح الأرض مخضرة فيها متاع لنا ولأنعامنا. أنت الربيع الحقيقي يافصل الشتاء بك تزهر قلوبنا
وتتزين بالطاعات بيوتنا وتشرق شمس الإيمان
التي كانت تغيب من قلوبنا وتتلألأ
الوجوه بشراً وإيماناً كما تتلألأ الشمس وتطل علينا من خلف غيوم كانون . وتبرق ومضات البشر فينا بأجمل من بريق
حبات المطر على أوراق الشجر عند صباح مشمس بعد ليلة مطيره. فاللهم ربنا بصادق الدعاء وعظيم الرجاء
وبالدمع والبكاء أن تجعل فصل الشتاء فصل دفء
الإيمان وطاعة الرحمن وطريقنا إلى الجنان بصحبة محمد خير الأنام ~
أستودعكم اللاه الذي لا تضيع ودائعه ~ |