كاتب الموضوع | رسالة |
---|
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:08 pm | |
| إنها أفكار تجعلني أشعر بخوف و توجّس ... هل أقوى على ذلك ؟؟ لابد لي من ذلك ... فأحوالنا في تدهور و شهادتي الجامعية ستعني الكثير ...
المرشحون لهذا الامتحان قليلون ، و كانت فرصة ذهبية أن أضيف اسمي إليهم و أنا واثق من قدرتي على اجتيازه ، بإذن الله ...
قلبت الألبوم و أنا في حيرة ... أي صورة آخذها معي ؟؟ ثم وقع اختياري على صورة تضمنا جميعا ، تظهر فيها رغد متشبثة برجلي ! فيما ترتسم ابتسامة رائعة على وجهها الجميل ...
" هذه هي ! "
أخذت الصورة ، و صورة أخرى لرغد و هي تلوّن في أحد دفاترها ، و وضعتهما في محفظة جيبي .
في المساء ، ذهبت مع أخي سامر لأحد المتاجر لاقتناء بعض الأشياء ، و وقفنا عند حقائب السفر رغبة في شراء بعضها
فيما كنا هناك ، حضر مجموعة من الشبان ، كان عمّار فيما بينهم .
عمّار نجح بصعوبة ، و تخرج ـ رغم إهماله ـ من المدرسة الثانوية ، و اعتقد أن والده ذا النفوذ الكبير قد استطاع تدبير مقعد دراسي له في إحدى الجامعات ... بطريقة ( غير قانونية ! )
عندما رآني عمّار ، أقبل نحوي تسبقه ضحكته البغيضة ، و قال :
" يبدو أن وليد ينوي السفر أيها الأصحاب ! هل عثر والدك على كرسي جامعي شاغر لك !؟ أم أن حطام الجامعة قد حطّم قلبك يا مسكين ؟؟ "
و بدأ مجموعة الشبان بالضحك و القهقهة
أوليتهم ظهري فقال عمّار :
" لا تقلق ! سأطلب من والدي أن يساعدك في البحث عن جامعة ! أو ... ما رأيك بالعمل عندنا ! فمصنعنا لم يحترق ! سأوصي بك خيرا ! "
سامر لم يتحمّل هذه السخرية من ذلك اللئيم ، و ثار قائلا :
" لم يبق إلا أن يعمل الأعزة عند الأذلة المنحرفين ! "
صرخ عمّار قائلا :
" اخرس أيها الأعور القبيح ! من سمح لك بالتحدث ! ألا تخجل من وجهك المفزع ؟ "
و التفت إلى أصحابه و قال :
" اهربوا يا شباب ! الأعور الدجال ! "
سيل من اللكمات العنيفة وجهتها بلا توقف و لا شعور نحو كل ما وقعت قبضتي عليه من أجساد عمّار و أصحابه ...
لحظتها ، شعرت برغبة في فقء عينيه و سلخ جلده ...
أخي سامر نال منهم أيضا
و احتدّ العراك و تدخّل من تدخل ، و فر من فر ، و انتهى الأمر بنا تدخل من قبل الشرطة !
في تلك الليلة و للمرة الأولى منذ الحادثة المشؤومة ، سمعت صوت بكاء أخي خلسة .
عندما أصيب بالحرق ، كان لا يزال طفلا في الحادية عشرة من العمر ... ربما لم يكن شكله يشغل تفكيره و اهتمامه بمعنى الكلمة ، أما الآن ... و هو فتى بالغ أعمق تفكيرا ، فإن الأمر اختلف كثيرا ...
ليلتها ، قال أنه يريد أن يخضع لعملية تجميل جديدة ... لكن أوضاعنا المادية في الوقت الحالي ، لا تسمح بذلك ....
عندما أحصل على شهادتي الجامعية ... و أعمل و أكسب المال ، فسوف أعرضه على أمهر جراحي التجميل ، ليعيده كما كان ...
فقط عندما أحصل على شهادتي ...
في اليوم التالي ، وجدت سيارتي مليئة بالخدوش المشوهة !
" إنه عمّار الوغد ! تبا له ! "
أوصلت أخوتي للمدرسة ، و شغلت نفسي ذلك الصباح بمزيد من الإعدادات للسفر المرتقب !
امتحاني سيكون يوم الغد ... لذا ، قضيت معظم الوقت في قراءة مواضيع شتى من كتبي الدراسية السابقة ...
و كلما قلبت صفحة جديدة من الكتاب ، قلبت صفحة من ألبوم الصور ... كيف أستطيع فراق أهلي ...؟ كيف أبتعد عن رغد ؟ إنني أشعر بالضيق إذا ما مضت بضع ساعات دون أن أراها و أداعبها ... و أنزعج كلما باتت في بيت خالتها بعيدا عني ... | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:09 pm | |
| فيما أنا منهمك في أفكاري و قراءتي ، جاءتني رغد ... !
طرقت الباب ، ثم دخلت الغرفة ببطء ، تاركة الباب نصف مفتوح ...
" وليد ... لدي تمرين صعب ... ساعدني بحله "
لم يكن هناك شيء أحب إلي من تعليم صغيرتي ، ألا أنني يومها كنت مشغولا ... لذا قلت :
" اطلبي من والدتي أو سامر مساعدتك ، فأنا أريد أن أذاكر ! "
لم تتحرك من مكانها ! نظرت إليها مستغربا و قلت :
" هيا رغد ! أنا آسف لا أستطيع مساعدتك اليوم ! "
و بقيت واقفة في مكانها ... إذن فهناك شيء ما ! حفظت هذا الأسلوب !
تركت الكتاب من بين يدي و نهضت ، و قدمت إليها و جثوت على ركبتي أمامها :
" رغد ... ما بك ؟ "
تقوس فمها للأسفل في حزن مفاجئ و قالت :
" هل صحيح أنك ستسافر بعيدا ؟ "
فاجأني سؤالها ، إنني لم أكن أتحدث عن أمر السفر معها ، فالحديث سابق لأوانه ...
قلت مازحا :
" نعم يا رغد ! إلى مكان بعيد لا يوجد فيه رغد و لا دانة و لا شجار ! و سأترك رأسي هنا ! "
لم يبد ُ أنها فهمت مزاحي أو تقبلته ، إذ أن تقوس فمها الصغير قد ازداد و بدأت عيناها تحمرّان
قالت :
" و هل ستأخذني معك ؟ "
هنا ... عضضت على شفتي و جاء دور فمي أنا ليتقوس حزنا ... طردت الموجة الحزينة التي اعترتني
و قلت :
" من أخبرك بأنني سأسافر ؟؟ "
" سمعت والداي يتحدثان بهذا "
مسحت على رأسها و قلت :
" سأسافر فترة مؤقتة لأدرس ثم أعود "
" و أنا ؟؟ "
" ستبقين مع الجميع و حالما أنهي دراستي سأعود و آخذك إلى أي مكان في العالم ! "
" لا أريدك أن تذهب وليد ! من الذي سيحبني كثيرا مثلك إذا ذهبت ؟ "
شعرت بخنجر يغرس في صدري ...
رغد ... أيتها الفتاة الصغيرة ... التي تربعت في كل خلايا جسمي ، ألا تعلمين ما يعنيه فراقك بالنسبة لي !؟؟ لا أعرف إن كانت قد أحست بالطعنة التي مزقت قلبي أم أنني أهوّل الأمر ، ألا أن دموعها سالت ببطء من مقلتيها ...
دموع أميرتي التي تزلزل كياني ... مددت يدي و مسحت دموعها و أنا أحاول الابتسام :
" رغد ! عزيزتي ... لا يزال معك دانة و سامر ... و أمي و أبي ... و نهلة و حسام و سارة ( و سارة هي الابنة الثانية لأم حسام ) مع أمهم ! و كل صديقاتك ! لن تكوني وحيدة ! أنا فقط من سيكون وحيدا ! " | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:11 pm | |
| قالت بسرعة :
" خذني معك ! "
ضغطت على قبضتي ، و قلت :
" يا ليت ! لا يمكنني ... صغيرتي ! لكنني عندما أعود ... "
و لم أكمل جملتي ، رمت رغد بكتابها جانبا و قاطعتني بسيل من الضربات الخفيفة الموجهة إلى صدري ...
إلى قلبي ...
إلى روحي ...
إلى كل عصب حي في جسدي ...
و شريان نابض ...
" لا تذهب ... لا تذهب ... لا تذهب ... "
" رغد ... "
" أنت قلت أنك ستعتني بي كل يوم و دائما ! لا تذهب ... لا ... لا ... لا .. "
و أخذت تبكي بعمق ...
و كلما حاولت المسح على رأسها أبعدت يدي و ضربت صدري استنكارا ...
ضرباتها لم تكن موجعة ، لو أنني لم أكن مصابا ببعض الكدمات و الرضوض في صدري ، أثر عراكي الأخير مع عمّار و أصحابه ... شعرت بالألم ، و لكنني لم أحرك ساكنا ... تركت لها حرية التعبير عن مشاعرها قدر ما تشاء ... لم أوقفها ... لم أبعدها ... لم أنطق بكلمة بعد ... إنها رغد التي تربت في حضني ... و عانقت ذات الصدر الذي تضربه الآن ... ليتهم لم يحرقوا الجامعة ... ليتهم لم يحرقوا المصنع ... ليتهم أحرقوا شيئا آخر ... ليتهم أحرقوا عمّار !
و يبدو أن صوت رغد قد وصل إلى مسامع والدي فجاء إلى غرفتي و وقف عند فتحة الباب ...
عندما رأى ولدي رغد تضربني ، غضب من تصرفها و بصوت حاد قال ، و هو واقف عند الباب :
" رغد ... توقفي عن هذا "
رغد رفعت رأسها و نظرت إلى والدي ، ثم قالت :
" لا تدعه يذهب "
إلا أن أبي قال بحدة :
" خذي كتابك و عودي إلى أمك ، و دعي وليد يدرس "
لم تتحرك رغد من مكانها ، فرفع والدي صوته بغضب و قال :
" ألم تسمعي ؟ اذهبي إلى أمك و كوني فتاة عاقلة "
رغد التقطت كتابها من على الأرض ، و خرجت من الغرفة
أما قلبي أنا فكان يعتصر ألما ...
بعدها ، قلت لأبي :
" لماذا يا أبي ؟ إنها ستظل تبكي لساعات ! جاءت تطلب مني تعليمها "
والدي قال بغضب :
" لقد كانت والدتك تعلّمها ، و حين جيء بذكر سفرك ، حملت كتابها و أتت إليك ، نهيناها فلم تطع "
قلت مستاءا :
" لكنك صرفتها بقسوة يا أبي "
لم تعجب جملتي والدي فقال :
" أنت تدللها أكثر من اللازم يا وليد ... يجب أن تعلمها أن تحترمك لا أن ترفع يدها عليك هكذا ، تصرف سيئ " | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:11 pm | |
| " لكني لا أستاء من ذلك يا أبي ... إنها مجرد طفلة ، كما أنني أتضايق كثيرا إذا أساء أحد إليها ، والدي ... أرجوكم لا تقسوا عليها بعد غيابي ... "
من يدري ماذا يحدث ؟ بعد أن أغيب ...؟ هل سيسيء أحد إلى طفلتي ؟؟ إنني لا أقبل عليها كلمة واحدة ... ليتني أستطيع أخذها معي !
انتظرت حتى انصرف والدي من المنزل ، ثم فتشت عن رغد ، فوجدها في غرفتها ... و كما توقعت ، كانت غارقة في الدموع ...
أقبلت إليها و ناديتها :
" رغد يا صغيرتي ... "
رفعت رأسها إلي ، فرأيت العالم المظلم من خلال عينيها البريئتين ... اقتربت منها و طوّقتها بذراعي ، و قلت ...
" لا تبكي يا عزيزتي فدموعك غالية جدا ... "
قالت :
" لا تذهب ... وليد ... "
قلت :
" لا بد أن أذهب ... فسفري مهم جدا ... "
" و أنا مهمة جدا "
" طبعا أميرتي ! أهم من في الدنيا ! "
أمسكت بيدي في رجاء و قالت :
" إذا كنت تحبني مثلما أحبك فلا تسافر "
في لحظة جنون ، كنت مستعدا للتخلي عن أي شيء ، في سبيل هذه الفتاة ... و بدأت أفكار التخلي عن حلم الدراسة تنمو في رأسي تلك اللحظة ... ليتني ... أيا ليتني استمعت إليها ... يا ليتني فقدت عقلي و جننت لحظتها بالفعل ... لكنني للأسف ... بقيت متشبثا بحلمي الجميل ....
" عزيزتي ، سأكون قريبا ... اتصلي بي كل يوم و أخبريني عن كل أمورك ! و إذا تشاجرت معك دانة فأبلغيني حتى أعاقبها حين أعود ! "
نظرت إلي نظرة سأضيفها إلى رصيد النظرات التي لن أنساها ما حييت ... ما حييت يا رغد لن أنسى هذه اللحظة ...
" وليد ... خذلتني ... لم أعد أحبك "
((يتبع)) | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:12 pm | |
| ]]]تتمة]]]
رغد لم تكلمني طوال الصباح التالي ، بل و لم تنظر إلي ... كانت حزينة و قد غابت ضحكتها الجميلة و مرحها الذي يملأ الأجواء حياة و حيوية ... الجميع لاحظ ذلك ، و استنتجوا أنه بسبب موضوع سفري و غضب والدي منها يوم الأمس ... و كالعادة ، أوصلت سامر إلى مدرسته ، ثم دانة و رغد .... وهي تسير مبتعدة عن السيارة و متجهة نحو مدخل المدرسة ، كانت رغد مطأطئة الرأس متباطئة الخطى جعلت أراقبها قليلا ، فألقت علي نظرة حزينة كئيبة لم أتحمل رؤيتها فابتعدت قاصدا المكان الذي سأجري فيه اختباري المصيري ...
المشوار إلى هناك يستغرق قرابة الساعة ، و كنت ألقي بنظرة على الساعة بين الفينة و الأخرى خشية التأخر
أعرف أنها فرصة العمر و أي تأخير مني قد يضيعها ...
حينما أوشكت على الوصول ، وردتني مكاملة هاتفية عبر هاتفي المحمول من صديقي ( سيف ) يتأكد من وشوكي على الوصول . و سيف هذا هو أقرب أصحابي ، و هو مرشح معي أيضا لدخول الامتحان . بعد دقيقة ، عاد هاتفي يرن من جديد ... كان رقما مجهولا !
" مرحبا ! لابد أنك وليد ! "
بدا صوتا غير معروف ، سألته :
" من أنت ؟؟ "
قال :
" يا لذاكرتك الضعيفة يا مسكين ! يبدو أن الضرب الذي تلقيته من قبضتي قد أودى بقدراتك العقلية ! "
الآن استطعت تمييز المتحدث ... إنه عمّار !
" عمّار ؟؟؟ !"
" أحسنت ! هكذا تعجبني ! "
استأت ، كيف حصل على رقم هاتفي الخاص و ما الذي يريده مني ؟
" ماذا تريد ؟ "
" انتبه و أنت تقود ! أخشى أن تصاب بمكروه ! "
" أجب ماذا تريد ؟؟ "
ضحك ذات الضحكة الكريهة و قال :
" لا شك أنك في طريقك للامتحان ! أليس كذلك ! إن الوقت سيستغرق منك أقل من ساعتين فيما لو قررت الذهاب إلى المطار ! "
ضقت ذرعا به ، قلت :
" هل لي أن أعرف سبب اتصالك ؟ فإما أن تقول ماذا أو أنه ِ المكالمة "
" رويدك يا صديقي ! سأمهلك ساعتين فقط ، حتى تمثل أمامي و تعتذر قبل أن أسافر بهذه الصغيرة بأي طائرة ، إلى الجحيم ! "
بعدها سمعت صرخة جعلت جسدي ينتفض فجأة و يدي ترتعشان ، و المقود يفلت من بينهما ، و السيارة تنحرف عن حط مسيرها ، حتى كدت أصطدم بما كان أمامي لو لم تتدخل العناية الربانية لإنقاذي ....
" وليد ... تعال ... "
لقد كان صوت رغد ....
جن جنوني ...
فقدت كل معنى للقدرة على السيطرة يمكن أن يمتلكه أي إنسان ... مهما ضعف
صرخت :
" رغد ! أهذه أنت رغد ؟؟ أجيبي "
فجاء صوت صراخها و بكاؤها الذي أحفظه جيدا يؤكد أن أذني لا زالتا تعملان بشكل جيد ...
" رغد أين أنت ؟ رغد ردي علي ّ "
فرد عمّار قائلا :
" تجدنا في طريق المطار ! لا تتأخر فطائرتي ستقلع بعد ساعتين ... إلا إن كنت لا تمانع في أن أصطحب شقيقتك معي !؟ "
صرخت :
" أيها الوغد أقسم إن أذيتها لأقتلنك ... لأقتلنك يا جبان "
ضحك ، و قال :
" لا تتأخر عزيزي و لا تثر غضبي ! تذكر ... طريق المطار "
ثم أنهى المكالمة ...
استدرت بسيارتي بجنون ، و انطلقت بالسرعة القصوى متجها نحو المطار ...
لم أكن أرى الطريق أمامي ، الشوارع و السيارات و الإشارات ... اجتزتها كلها دون أن أرى شيئا منها
لم أكن أرى سوى رغد
و أتذكر كيف كانت تنظر إلي قبل ساعة ...
ثم أتخيلها في مكان بين يدي عمّار
لم أعرف كيف أربط بين الأحداث أو أفكر في كيفية حدوث أي شيء ...
أريد أن أصل فقط إلى حيث رغد
لا أعرف كم الوقت استغرقت ...
شهر ؟
سنة ؟
قرن ؟
بدا طويلا جدا لا نهاية له ...
و سرت كقارب تائه في قلب المحيط ...
أو شهب منطلق في فضاء الكون ...
لا يعرف إلى أين ...
و متى
و كيف سيصل ...
و بم سيصطدم ...
أخذت هاتفي و اتصلت برقم عمّار الظاهر لدي ، أجاب مباشرة :
" لقد انقضت عشرون دقيقة ! أسرع فشقيقتك ترتجف خوفا ! "
" إياك أن تؤذها ... و إلا ... "
" سأفعل إن تأخرت ! "
" أيها الـ ... ... ... دعني أتحدث إليها "
جاءني صوتها الباكي المذعور :
" وليد لا تتركني هنا "
" رغد ... عزيزتي أنا قادم الآن ... لا تخافي صغيرتي أنا قادم "
" أنا خائفة وليد تعال بسرعة أرجوك ... آه ... أرجوك ... "
أي عقل تبقى لي ؟؟
لماذا لا تتحرك هذه السيارة اللعينة ؟
لماذا لم اشتر صاروخا لمثل هذه الظروف ؟
لماذا لم تحترق في الحرب يا عمّار ...
ألف لعنة و لعنة عليك أيها الجبان ... ويل لك مني .. | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:12 pm | |
| بعد ساعة و نصف ، و فيما أنا منطلق كالبرق على الشارع المؤدي إلى المطار ، إذا بي ألمح سيارة تقف جانبا ، و يقف عندها رجل
و أنا أقترب توضح لي أنه عمّار
بسرعة ، أوقفت سيارتي خلف سيارته مباشرة و نزلت منها كالقذيفة و ركضت نحوه ، في الوقت الذي فتح هو في الباب ، و أخرج رغد من السيارة ... جاءت رغد تركض نحوي فالتقطتها و رفعتها عن الأرض و أطبقت بذراعي حولها بقوة ...
" رغد ... رغد صغيرتي ... أنا هنا ... أنا هنا عزيزتي "
رغد كانت تحاول أن تتكلم لكنها لم تستطع من شدة الذعر ...
كانت ترتجف بين يدي ارتجاف الزلزال المدمر ... كانت تحاول النطق باسمي لكن لم تستطع النطق بأكثر من
" و ... و ... و "
انهمرت دموعي كالشلال و أنا أضغط عليها و هي تضغط علي و تتشبث بي بقوة و أشعر بأصابعها تكاد تخترق جسدي فيما ترفع رجليها للأعلى كأنما تتسلقني خشية أن تلامس رجلها الأرض و تفقدها الأمان ...
" أنا معك عزيزتي لا تخافي ... معك يا طفلتي معك ... "
حاولت أن أبعد رأسها قليلا عني حتى أتمكن من رؤية عينيها و إشعارها بالأمان ، لكنها بدأت بالصراخ و تشبثت بي بقوة أكبر و أكبر كأنها تريد أن تدخل بداخلي ...
" وليد ! لديك امتحان مهم ! هل ستضيّع الفرصة ؟ "
قال هذا عمّار الوغد و أطلق ضحكة كبيرة ...
انتابتني رغبة في تحطيمه ألا أن رغد عادت تصرخ حينما خطوت خطوة واحدة نحوه ...
" خسارة يا وليد ! جرّب حظك في مصنع والدي ! "
و ابتسم بخبث :
" دفّعتك الثمن ... كما وعدت "
ثم استدار و هم بركوب سيارته ...
خطوت خطرة أخرى نحوه ، فأخذت رغد تصرخ بجنون :
" لا .. لا .. لا .. لا .. لا "
انثنى عمّار ليدخل السيارة ، ثم توقف ، و استقام ، و استدار نحوي و قال :
" نسيت أن أعيد هذا ! "
و من جيب بنطاله أخرج شريطا قماشيا طويلا ، و رماه في الهواء باتجاهي
رقص الشريط كالحية في الهواء ، وأنا أراقبه ، في نفس اللحظة التي ظهرت فيها طائرة في السماء مخترقة قرص الشمس المعشية ، و دوت بصوتها في الأجواء ، فيما يتداخل صوتها مع صوت عمّار وهو يقول :
" إلى الجحيم ! "
ثم هبط الشريط المتراقص تدريجيا و بتمايل حتى استقر عند قدمي ّ ...
ركزت نظري على الشريط ، لأكتشف أنه الحزام الذي تلفه رغد حول خصرها ، و التابع لزيها المدرسي الذي ترتديه الآن ...
رفعت نظري ببطء و ذهول و صعق إلى وجه عمّار ، فحرك هذا الأخير زاوية فمه اليمنى بخبث إلى الأعلى في ابتسامة قضت علي ّ تماما ... و دمرتني تدميرا
أبعدت وجه رغد عن كتفي و أجبرتها على النظر إلي ... فيما أنا عاجز عن رؤية شيء ... من عشي الشمس ... و هول ما أنا فيه ...
لم أر إلا دمارا و حطاما و نارا و جحيما ...
لهيبا ... و صراخا ... و دموعا تحترق ... و آمالا تتبعثر ... و أحلاما تظلم ...
سوادا في سواد ...
عند هذه اللحظة ، نزعت رغد عني عنوة ، و دفعت بها أرضا و نظرت من حولي فإذا بي أرى صخور كبيرة قربي ...
التقطت واحدة منها ، و بسرعة لا تجعل مجالا للمح البصر بإدراكها ، و قوة لا تسمح لشيء بمعاكستها ، رميتها نحو عمار و هو يهم بركوب سيارته ، فارتطمت برأسه ... و صرخ ... و ترنح لثوان ..
ثم هوى أرضا ...
و انتفض جسده ...
و انتزعت روحه ...
و إلى الجحيم ... | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:13 pm | |
| الحلقةالسادسة*******
وقفت جامدا في مكاني ، و أنا أراقب عمّار يترنح ، ثم يهوي ، و تسكن حركاته ... كان دوي الطائرة يزلزل طلبتي أذني ... دققت النظر إليه ... لم يحرّك ساكنا رفعت قدمي بصعوبة و حثثتها على السير نحو عمّار بصعوبة وصلت قربه فرأيت عينيه مفتوحتين ، و الدماء تسيل من أنفه ، و صدره ساكنا عن أية أنفاس ... أدركت ... أنه مات ... و إنني أنا ... من قتله استدرت للخلف و عيناي تفتشان عن رغد ... صغيرتي الحبيبة ... مدللتي الغالية ... مهجة قلبي ... رأيتها تقف بذعر عند سيارتي ، و تنظر إلي و دموعها تنهمر بغزارة ، فيما يستلقي حزامها القماشي على الرمال الناعمة بكل هدوء ...
بتثاقل و بطء ، بانهيار و ضعف شديدين ، سرت باتجاهها ... نفذ كل ما كان في جسدي من طاقة ، فكأنما كنت أعمل على بطارية انتزعت مني و تركتني بلا طاقة و لا حراك ...
في منتصف الطريق ، انهرت ...
خررت على الأرض كما تخر قطعة قماش كانت متدلية كالستار المثبت إلى الحائط و ارتطمت ركبتاي بالرمال ... و هبطت أنظاري برأسي نحو الأرض ... رفعت رأسي بصعوبة و نظرت إلى رغد ، و هي لا تزال واقفة في نفس الموضع و الوضع ... بصعوبة فتحت ذراعي قليلا ، و قلت بصوت مخنوق خرج من رئتي :
" تعالي ... "
رغد نظرت إلي دون أن تتحرك ، فعدت أقول :
" تعالي ... رغد "
الآن ، أقبلت نحوي بسرعة ، و بقوة ارتمت في حضني و كادت تلقيني أرضا ... طوّقتني بذراعيها بقوة ، و حين حاولت تطويقها أنا عجزت إلا عن رمي ذراعي المنهارتين حولها بضعف
بكيت كثيرا ... و كثيرا جدا ... لما ضاع ... و لما انتهى .. و لما هو آت و محتوم ...
بقينا على هذا الوضع بضع دقائق ، لا أقوى على قول أو فعل شيء ... و السكون التام يسيطر على الأجواء ...
كان طريقا بريا موحشا ، و لم تمر بنا أية سيارة حتى الآن ...
استعدت من القوة ما أمكنني من تحريك يدي قليلا ، فجعلت أمسح على رأس طفلتي و أنا أقول بحرقة و مرارة :
" سامحيني يا رغد ... سامحيني ... "
رغد استردت أنفاسها التائهة ، و قالت و وجهها لا يزال مغمورا في صدري :
" دعنا نعود للبيت "
أبعدت رأسها قليلا عني و سمحت لأعيينا باللقاء ... و أي لقاء ؟؟ لقاء مبلل بسيول عارمة من الدموع الدامية لم يجد لساني ما يستطيع النطق به ... حاولت النهوض أخيرا ، و ذراعاي تجاهدان من أجل حمل الصغيرة ، ففشلت
أطلقت صيحة حسرة و ألم مريرة تمنيت لو أنها زلزلت الكون كله ، و حطمت كل الأجرام و الكواكب و من عليها ... و محت الدنيا من الوجود ...
و طفلتي الصغيرة تبكي على صدري مذعورة فزعة ... و عدوّي الوغد جثة هامدة تقطر دما ... و حلمي الكبير قد ضاع و تلاشى كغبار عصفت به ريح غادرة ... و مصيري المجهول البعيد ... كما وراء الأفق ... و الساحة الخالية إلا من رغد وأنا ... و الشمس تشهد ما حدث و يحدث ... رفعت يدي إلى السماء ... و صرخت :
" يا رب .... "
استطعت أخيرا أن اشحن بالطاقة الكافية ، لأنهض و أحمل صغيرتي على ذراعي ، و أسير بها نحو السيارة ...
لم أجلسها على المقعد المجاور لا ، بل أجلستها ملتصقة بي ، فأنا لا أريد لبضع بوصات أن تبعدها عني ...
رن هاتفي المحمول ، و الذي كان في السيارة ، ألقيت نظرة لا مبالية على اسم المتصل الظاهر في الشاشة ، كان صديقي سيف ، أخذت الهاتف و أسكته ، و ألقيت به جانبا ... فكل شيء قد انتهى ...
انطلقت بالسيارة ببطء ، و أنا لا أعرف إلى أين أتجه ... فكل شيء أمامي كان مبهما و مجهولا ...
قطعت مسافة طويلة في اتجاهات متعددة ، و نار صدري تتأجج ، و دموعي عاجزة عن إطفاء شرارة واحدة منها ...
صغيرتي ، ظلت متشبثة بي ، لا تتكلم ، و تنحدر دمعة من عينها تخترق صدري و تمزق قلمي قبل أن ينتهي بها المصير إلى ملابسها المتعطشة لمزيد من الدموع ...
بعد فترة ، مررت في طريقي بحديقة عامة
و تصورا أي تصرف لا يمت لوضعي بصلة ، هو الذي بدر مني دون تفكير !
" رغد عزيزتي ، ما رأيك باللعب هنا قليلا ؟ "
رغد رفعت بصرها إلي ببراءة و شيء من الاستغراب ... فحتى على طفلة صغيرة محدودة المدارك ، لا يبدو هذا تصرفا طبيعيا ..
" سأشتري بعض البوضا لنا أيضا ! هيا بنا "
و أوقفت السيارة ، و فتحت الباب ، و نزلت و أنزلتها عبر الباب ذاته .
أمسكت بيدها و حثثتها على السير معي نحو مدخل الحديقة
هناك ، كان العدد القليل جدا من الناس يتنزهون ، مع أطفالهم الصغار ، فهو نهار يوم دراسي و حار ...
إنني أعرف أن صغيرتي تحب الأراجيح كثيرا ، لذا ، أخذتها إلى الأرجوحة و بدأت أؤرجحها بخفة ...
تخلخل الهواء ملابسها الغارقة في الدموع ، فجففها ، و صافحت وجهها الكئيب فأنعشته ...
تصوروا أنها ابتسمت لي !
عندما كانت رغد تبتسم ، فإن الدنيا كلها ترقص بفرح في عيني ّ و البهجة تجتاح فؤادي و أي غبار لأي هموم يتبعثر و يتلاشى ...
أما هذه الابتسامة ... فقد قتلتني ...
لم أع لنفسي إلا و الدموع تقفز من عيني ّ قفزا ، و أوصالي ترتجف ارتجافا ، و قلبي يكاد يكسر ضلوعي من شدة و قوة نبضاته ...
تبتسمين يا رغد ؟ بكل بساطة ... و كأن شيئا لم يكن !؟
ألا يا ليتني ... قتلتك يا عماّر يوم تعاركنا ...
ليتني قضيت عليك منذ سنين ...
ليتني أحرقتك قبل أن تحرق قلبي و تدمر ماضي و مستقبلي ... و تحطّم أغلى ما لدي ...
" وليد "
انتبهت على صوت رغد تناديني ، و أنا غارق في الحزن المرير ...
مسحت دموعي بلا جدوى ، فالسيل منهمر و الدمعة تجر الدمعة ...
" نعم غاليتي ؟ "
" هل نشتري البوضا الآن ؟ "
أغمضت عيني ...
و أوقفت الأرجوحة شيئا فشيئا ، فنزلت و استدارت إلي ... فأخذتها في حضني و قلت باكيا و مبتسما :
" نعم يا صغيرتي ، سنشتري البوضا و أي شيء تريدينه ... و كل شيء تتمنينه ... أي شيء أيتها الحبيبة ... أي شيء ... أي شيء ... "
و انخرطت في بكاء قوي ...
رغد ، تبدلت تعابير وجهها و قالت و هي تندفع للبكاء :
" لا تبكي وليد أرجوك "
و أجهشت بكاءا هي الأخرى ... | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:14 pm | |
| جذبتها إلى صدري و طوقتها بحنان و عاطفة ممزقة ... و بكينا سوية بكاءا يعجز اللسان عن وصفه ...
و القلب عن تحمله ..
و الكون عن استيعاب فيض عبره
و امتزجت دموعنا ...
و لو مر أحد منا لبكى ...
و لو شهدتم بكاءنا لخررتم باكيين ...
ألا و حسبنا الله و نعم الوكيل ....
بعد ذلك ، مسحت دموعها و دموعي ، و ابتسمت لها :
" إلى البوضا الآن ! "
حملت الطفلة الصغيرة الحجم الخفيفة الوزن الضئيلة الجسم البريئة الروح على ذراعي ، فهي تحب ذلك ...
و أنا سأفعل كل ما تحبه و تريده ... و لو أملك الدنيا و ما عليها لقدمتها لها فورا ...
قبل الرحيل ...
و هل سيعوّض ذلك شيئا ...؟؟
اشترينا البوضا ، و جلسنا نتناولها قرب النافورة ، و حين فرغت من نصيبها اشتريت لها واحدا آخر ...
و كذلك ، أطعمتها البطاطا المقلية فهي تحبها كثيرا !
أطعمتها بيدي هاتين ...
نعم ... بهاتين اليدين اللتين كثيرا ما اعتنتا بها ... في كل شيء ...
و اللتين قتلتا عمّار قبل قليل ...
و اللتين ستكبلان بالقيود ، و تذهبان إلى حيث لا يمكنني التكهن ...
جعلتها تلعب بجميع الألعاب التي تحبها ، دون قيود و دون حدود ، بل ركبت معها و للمرة الثانية في حياتها ذلك القطار السريع الذي جربنا ركوب مثيله قبل 3 سنوات ...
و كم أسعدتها التجربة الثانية !
نعم ... ببساطة ... أسعدتها !
كأي طفلة صغيرة وجدت فرصة لتلهو ... دون أن تدرك حقائق الأمور ...
لهونا كثيرا ... ، و حين اقترب الموعد الذي يفترض أن أكون فيه عند مدرسة رغد و دانة ، في انتظار خروجهما ...
" عزيزتي ، سنذهب لأخذ دانة من المدرسة ، لا تخبريها عن أي شيء "
نظرت رغد إلي باستفهام ، أمسكت بكتفيها و قلت مؤكدا :
" لا تخبري أحدا عن أي شيء ، أنا سأخبرهم بأنك لم تشائي الذهاب للمدرسة فأخذتك معي ... اتفقنا رغد ؟ عديني بذلك ؟ "
و ضغط على كتفيها و بدا الحزم في عيني ... فقالت :
" حسنا "
قلت مؤكدا :
" أخبريهم فقط أنك ذهبت معي ، و نمت أثناء الطريق و لا تعلمين أي شيء آخر ... لا تأتي بذكر أي شيء آخر رغد ... فهمت ِ عزيزتي ؟ "
" نعم "
" عديني بذلك يا رغد ... عديني "
" أعدك ... وليد "
" إذا أخلفت وعدك ، فإنني سأرحل و لن أعود إليك ثانية "
توجم وجهها ، ثم أمسكت بيدي و شدّت قبضتها بقوة و اغرورقت عيناها بالدموع و تعابيرها بالفزع و قالت :
" لا لا ترحل وليد . أرجوك . لا تتركني . أعدك . أعدك "
وصلنا إلى البيت أخيرا ، بدا الوضع شبه طبيعي ، إلا من سكون غريب من قبل رغد و التي يفترض بها أن تكون مرحة ...
الكل عزا ذلك للحزن الذي يعتريها بسبب سفري المرتقب .
سألتني أمي :
" كيف كان الامتحان ؟ "
قلت :
" سأخبرك بعد الغذاء "
و تركت العائلة تنعم بوجبة هنيئة أخيرة ...
بعد ذلك ، ذهبت إلى غرفة والدي ّ في وقت قيلولتهما الصغيرة ...
" والدي ... والدتي ... لدي ما أخبركما به "
بدا القلق على وجهيهما ، و تلعثمت الكلمات على لساني...
أمي ، حين لاحظت حالتي المقلقة قالت :
" هل الامتحان .... ؟؟ "
قلت :
" لم أحضر الامتحان "
اندهشا و تفاجأا ...
قال والدي :
" لم تحضره ؟ كيف ؟؟ لماذا ؟؟ ماذا حصل ؟؟ "
نظرت إليهما ، و سالت دموعي ... و انهرت ... و طأطأت رأسي للأرض ...
هتفت أمي بقلق و فزع :
" وليد ؟؟ "
أخذت نفسا عميقا ... و رفعت بصري إليهما و بلسان مرتجف و جسد يرتعش و شفتين مترددتين قلت :
" لقد .... قتلت عمّار " | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:14 pm | |
| ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
الهاتف المحمول الخاص بعمار، و الرقم الأخير الذي تم طلبه ، و الأخير الذي تم استقباله فيه ، و توقيت الاتصال ، و توقيت حدوث الوفاة ، و العراك الذي حصل مؤخرا بيني و بينه و تدخلت فيه الشرطة ، و عدم حضوري للامتحان ، كلها أمور قد قادت الشرطة إلي ّ بحيث لم يكن اعترافي ليزيدهم يقينا بأنني الفاعل ...
بقي ... شيء حيّرهم ... تركته ساكنا في قلب الرمال ...
حزام رغد
ما سر وجوده هناك ... ؟؟
أنكرت أي صلة لرغد بالموضوع بتاتا ، و لدى استجوابها أخبرتهم أنها لا تعرف شيئا ، حسب اتفاقنا
سيف أيضا تم التحقيق معه ، و أكد للشرطة أنه حين اتصل بي كنت على مقربة من المبنى حيث قاعة الامتحان
و ظل السؤال الحائر :
لماذا عدت أدراجي ؟
ما الذي دفعني للذهاب إلى شارع المطار ، و الشجار مع عمّار ، و من ثم قتله
لماذا قتلت عمّار ؟؟
ما الذي أخفيه عن الجميع ؟؟
والد صديقي سيف كان محاميا تولى الدفاع عني في القضية ، باعتبار أنني قتلته دون قصد ... و أثناء شجار ... و بدافع كبير أصر على كتمانه ... و سأظل أكتمه في صدري ما حييت ... فإن هم حكموا بإعدامي ... أخبرت أمي قبل تنفيذ الحكم ... و إن عشت ، سأقتل السر في صدري إلى أن أعود ... من أجل صغيرتي ...
تعقدت الأمور و تشابكت ... و ظلّ الغامض غامضا و المجهول مجهولا ، و حكم علي ّ بالسجن لأمد بعيد ...
" أمي ... أرجوك ... لا تخبري رغد بأنني ذهبت للسجن ... اخبريها بأنني سافرت لأدرس ... و سأعود حالما أنتهي ... و قولي لها أن تنتظرني "
" أبي ... أرجوك ... لا تقسو على رغد أبدا ... اعتنوا بها جيدا جميعكم ... فأنا لن أكون موجودا لأفعل ذلك "
كان ذلك في لقائي الأخير بوالدي ّ ، قبل أن يتم ترحيلي إلى سجن العاصمة حيث سأقضي سنوات شبابي و زهرة عمري فيه ... بدلا من الدراسة في الجامعة ... و أعود إن قدرت لي العودة خريج سجون بدلا من خريج جامعات ... و بمستقبل أسود منته ، بدلا من بداية حياة جديدة و أمل ...
هكذا ، انتهت بي الأحلام الجميلة ...
هكذا ، أبعدت عن رغد ... محبوبتي الصغيرة ، و لم يبق لي منها إلا صورتين كنت قد وضعتهما في محفظتي قبل أيام ...
و ذكريات لا تنسى أحملها في دماغي و أحلم بها كل ليلة ...
و صورتها الأخيرة مطبوعة في مخيلتي و هي تقول :
" لا لا ترحل وليد . أرجوك . لا تتركني "
| |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:15 pm | |
| الحلقةالسابعة*********
لأن أخي وليد لم يعد موجودا ، فسأخبركم أنا ببعض ما حدث في بيتنا بعد المصيبة العظمى . لم يكن تقبل أي منا لا أنا و لا والديّ أو دانة أو رغد لغياب وليد بالشيء السهل مطلقا و خصوصا رغد ، فهي متعلقة به كثيرا و رحيله أحدث كارثة بالنسبة لها مرضت رغد في بداية الأمر بشكل ينذر بالخطر . وليد قبل أن يخرج مع أبي من المنزل ذلك اليوم إلى حيث لم نكن نعلم ، مر بغرفة رغد و قد كانت مقيلة بعد الظهيرة . أظنه ظل ّ يبكي هناك لفترة طويلة ... فتش جيوبه ثم أخرج مجموعة من تذاكر ألعاب حديقة الملاهي ، و وضعها إلى جانبها كما وضع ساعة يده ... ثم قبل جبينها و غادر
أتى إلينا واحدا واحدا و جعل يعانقنا بحرارة و دموع مستمرة ...
عندما سألت دانة :
" إلى أين تذهب يا وليد ؟؟ "
أجاب أبي :
" سيسافر ليدرس كما تعلمون "
الذي نعلمه أن موعد السفر لم يكن في ذلك اليوم ... و لو يكن قد تحدد
إنني لم أعرف أنه في السجن غير اليوم التالي ، و قد أجبرت على كتم السر هذا عن الصغيرتين .
صحيح أنني تمنيت أن يهلك عمّار لحظة أن سحر مني و جعل الناس من حولي يضحكون علي ، إلا أنني لم أتمنى أن يكون شقيقي الأكبر و أخي الوحيد هو من يهلكه...
خلال السنوات الماضية ، كثيرا ما كان الشجار ينشب بينهما و عراكنا الأخير لم يكن غير حلقة من السلسلة ... خاتمة السلسلة الحلقة الأخيرة ...
فيما كنا جالسين في غرفة المعيشة بعد مغادرة أبي و وليد وصلنا صراخ غير طبيعي من غرفة رغد
أسرعنا جميعا نحوها فوجدناها في حالة فظيعة من الذعر و الخوف ... و تصرخ " وليد ... وليد ..."
تلت ذلك مرات و مرات و حالات و حالات من الذعر و الفزع و الانهيار التي أودت بصحة الصغيرة لأسابيع ... في كل يوم ، بل كل ساعة ، تقوم رغد بالاتصال بهاتف وليد لكن دون جدوى
" لقد قال أنه سينتظر اتصالي كل يوم "
لقد كانت تعتقد أنه سافر ..
" أنا وفيت بوعدي ... يجب أن يفي بوعده "
و الكثير من الهلاوس و الوساوس ... و التصرفات الغير طبيعية التي صدرت منها ... و بدلا من أن تكبر ... أظنها صغرت و عادت للوراء ست سنين ، أي كما جاءتنا أول مرة ... بكاء مستمر ، و خوف لا مبرر له ، تشبث جنوني بأمي ، حتى في النوم . رفضت الذهاب للمدرسة أول الأيام ، كثيرا ما كانت تدخل غرفة وليد و تستلقي على سريرة و تبدأ بالبكاء ثم الصراخ ، حتى اضطرت والدتي لقفل تلك الغرفة لحين إشعار آخر ...
توالت الأيام ، و بدأت حالتها تهدأ شيئا فشيئا ، و تعتاد فكرة أن وليد لم يعد موجودا ، و أنه سيعود بعد زمن طويل ...
أما تذاكر اللعب ، فحين أردت أخذها ذات مرة لتلهو في الحديقة ، رفضت ... و قالت :
" سأذهب مع وليد حينما يعود "
و أما الساعة ، فلا تزال تحتفظ بها بين أشيائها النفيسة ...
" سأعيدها لوليد حين يعود "
لأنه نقل إلى سجن العاصمة ، فإننا لاقينا بعض الصعوبات في زيارته ، خصوصا و أوضاع البلد تدهورت كثيرا و الحرب اشتدت و الدمار حل و انتشر و حطّم ما حطم من المباني و الأراضي و الشوارع ... و كل شيء ، و اضطررنا لترك منزلنا و الانتقال لمدينة أخرى ...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
بنااات هنا سااامر يتكلم | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:15 pm | |
| الحلقةالسابعة*********
لأن أخي وليد لم يعد موجودا ، فسأخبركم أنا ببعض ما حدث في بيتنا بعد المصيبة العظمى . لم يكن تقبل أي منا لا أنا و لا والديّ أو دانة أو رغد لغياب وليد بالشيء السهل مطلقا و خصوصا رغد ، فهي متعلقة به كثيرا و رحيله أحدث كارثة بالنسبة لها مرضت رغد في بداية الأمر بشكل ينذر بالخطر . وليد قبل أن يخرج مع أبي من المنزل ذلك اليوم إلى حيث لم نكن نعلم ، مر بغرفة رغد و قد كانت مقيلة بعد الظهيرة . أظنه ظل ّ يبكي هناك لفترة طويلة ... فتش جيوبه ثم أخرج مجموعة من تذاكر ألعاب حديقة الملاهي ، و وضعها إلى جانبها كما وضع ساعة يده ... ثم قبل جبينها و غادر
أتى إلينا واحدا واحدا و جعل يعانقنا بحرارة و دموع مستمرة ...
عندما سألت دانة :
" إلى أين تذهب يا وليد ؟؟ "
أجاب أبي :
" سيسافر ليدرس كما تعلمون "
الذي نعلمه أن موعد السفر لم يكن في ذلك اليوم ... و لو يكن قد تحدد
إنني لم أعرف أنه في السجن غير اليوم التالي ، و قد أجبرت على كتم السر هذا عن الصغيرتين .
صحيح أنني تمنيت أن يهلك عمّار لحظة أن سحر مني و جعل الناس من حولي يضحكون علي ، إلا أنني لم أتمنى أن يكون شقيقي الأكبر و أخي الوحيد هو من يهلكه...
خلال السنوات الماضية ، كثيرا ما كان الشجار ينشب بينهما و عراكنا الأخير لم يكن غير حلقة من السلسلة ... خاتمة السلسلة الحلقة الأخيرة ...
فيما كنا جالسين في غرفة المعيشة بعد مغادرة أبي و وليد وصلنا صراخ غير طبيعي من غرفة رغد
أسرعنا جميعا نحوها فوجدناها في حالة فظيعة من الذعر و الخوف ... و تصرخ " وليد ... وليد ..."
تلت ذلك مرات و مرات و حالات و حالات من الذعر و الفزع و الانهيار التي أودت بصحة الصغيرة لأسابيع ... في كل يوم ، بل كل ساعة ، تقوم رغد بالاتصال بهاتف وليد لكن دون جدوى
" لقد قال أنه سينتظر اتصالي كل يوم "
لقد كانت تعتقد أنه سافر ..
" أنا وفيت بوعدي ... يجب أن يفي بوعده "
و الكثير من الهلاوس و الوساوس ... و التصرفات الغير طبيعية التي صدرت منها ... و بدلا من أن تكبر ... أظنها صغرت و عادت للوراء ست سنين ، أي كما جاءتنا أول مرة ... بكاء مستمر ، و خوف لا مبرر له ، تشبث جنوني بأمي ، حتى في النوم . رفضت الذهاب للمدرسة أول الأيام ، كثيرا ما كانت تدخل غرفة وليد و تستلقي على سريرة و تبدأ بالبكاء ثم الصراخ ، حتى اضطرت والدتي لقفل تلك الغرفة لحين إشعار آخر ...
توالت الأيام ، و بدأت حالتها تهدأ شيئا فشيئا ، و تعتاد فكرة أن وليد لم يعد موجودا ، و أنه سيعود بعد زمن طويل ...
أما تذاكر اللعب ، فحين أردت أخذها ذات مرة لتلهو في الحديقة ، رفضت ... و قالت :
" سأذهب مع وليد حينما يعود "
و أما الساعة ، فلا تزال تحتفظ بها بين أشيائها النفيسة ...
" سأعيدها لوليد حين يعود "
لأنه نقل إلى سجن العاصمة ، فإننا لاقينا بعض الصعوبات في زيارته ، خصوصا و أوضاع البلد تدهورت كثيرا و الحرب اشتدت و الدمار حل و انتشر و حطّم ما حطم من المباني و الأراضي و الشوارع ... و كل شيء ، و اضطررنا لترك منزلنا و الانتقال لمدينة أخرى ...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
بنااات هنا سااامر يتكلم | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:16 pm | |
| بنااااااااااااااات هنا وليد يتكلم
في كل يوم ، و بين الفينة و الأخرى يزج بشخص جديد إلى السجن . في الفترة الأخيرة ، كان معظم السجناء من مرتكبي الجرائم السياسية أو المتهمين بها ظلما .
كنت أنا أصغر الموجودين سنا ، إذ أنني لم أبلغ العشرين بعد و كان وجودي بين السجناء مثيرا للاهتمام .
تعرفت على ( زميل ) يدعى نديم . نديم هذا كان متهما بإحدى الجرائم السياسية و قد حكم عليه بسنوات طويلة من السجن و الحرمان من الحياة ...
" و من يعتني بزوجتك و ابنتك الآن ؟ "
سألته أثناء حديث لنا ، و هل كنا نملك غير الأحاديث ؟؟
أجابني :
" ليس لدي الكثير من الأقارب ، إلا أنني اعتقد أنهما ستلجأان إلى أخي غير الشقيق ( عاطف ) فهو مقتدر ماديا و يستطيع مساعدتهما ـ إن قبل "
و اكتشفت فيما بعد ، أن عاطف هذا لم يكن غير والد عمّار الذي قتلته ! الذي جعل الأمر يمر مرور الكرام هو أن نديم لم يكن على علاقة وطيدة بأخيه غير الشقيق عاطف او ابنه المتوفى عمّار ... و الذي حدث هو أننا مع الوقت أصبحنا صديقين حميمين رغم ذلك .
لقد كان هو الداعم الوحيد لي و المشجع على عيشة السجن المريرة ...
و أي مر ؟؟ أي عذاب ؟ أي ضياع ...؟؟
في كل ليلة ، اضطجع على السرير الضيق المهترىء المتسخ ، عوضا عن سريري الواسع المريح ، و أغطي جسدي المنهك بأغطية بالية ممزقة ، بدلا من البطانيات الناعمة النظيفة ...
اغمض عيني ّ و أفكر ... و أتذكر ... و أبكي ...
أخرج الصورتين من تحت الوسادة القديمة المسطحة، و أحدق بهما ...
هنا ، يقف أفراد عائلتي جميعا ، هذا أبي ... هذه أمي ... هذا شقيقي سامر ، و هذه الندبة التي شوّهت وجهه منذ ذلك اليوم ... و هذه دانة ... بظفيرتيها المتدليتين على كتفيها ... و هذه ... هذه ... من هذه ؟؟ إنها دنياي ... حبيبتي الصغيرة المدللة ... طفلتي الغالية ... نبضة قلبي ... رغد تقف إلى جانبي ممسكة برجلي ... كانت تريد مني أن أحملها إلا أنني فضلت أن نلتقط الصورة و هي واقفة إلى جواري ...
و في هذه الصورة ... مع دفتر تلوينها ...
ما أجملها .. و ما أجمل شعرها الخفيف الناعم ... كم أحب أن أمسح على رأسها ... ما أنعم هذا الملمس ...
مسحت بيدي ... شعرت بخشونة ... خشونة السرير الذي ألقي بجسدي عليه ... خشونة الواقع الذي أعيشه ...
رفعت يدي و أخذت أحدق براحتي ...
و أرى ما علق بها من غبار و حبات رمل تملأ السرير ...
صرخت ...
صرخت فجأة رغما عني ...
" رغد ... أعيدوني إلى رغد ... أخرجوني من هنا ... "
في الصباح ... أنهض عن سريري بكل كسل و كل ملل و إحباط فأنا سأنتظر دوري في طابور السجناء الذاهبين إلى دورات المياه ، ثم أخرج من ذلك المكان البغيض و أنا أشعر أنني كنت أكثر نظافة قبل دخولي إليه ، و أذهب إلى حيث يقدّم لنا فطور الصباح ... و أي فطور ...
عوضا عن شاي أمي و أطباقها الشهية اللذيذة ، التي كنت أتناولها عن آخرها ، يقدم لنا مشروبا سيء الطعم ، لا أستطيع الحكم عليه بأنه شاي أو قهوة أو أي مشروب آخر ...
و أجبر معدتي الجوفاء على هضم طعام رديء لا طعم له و لا رائحة ، حتى أنني أترفع عن مضغه و ازدرده ازدرادا ...
و يبدأ يوم فارغ لا أحداث فيه ... تمر الساعة تلو الأخرى دون أن يكون هناك أي تغيير ... لا مدرسة أذهب إليها ... لا رفاق أتصل بهم ... لا أهل أتبادل الأحاديث معهم ... و لا أطفال أرعاهم و أعلمهم ... و لا رغد تظهر فجأة عند باب غرفتي و تقول :
" وليــــــــــد ... لوّن معي ! "
آه يا رغد ...
ما الذي تفعلينه الآن ؟
ما الذي فعلته بعد غيابي ؟
هل يعتنون بك جيدا ؟؟
رغد ...
أكاد أموت شوقا إليك ...
ليتك تقفزين من مخيلتي و تظهرين أمامي ، كما كان يحدث سابقا ....
" أخرجوني من هنا ... أخرجوني من هنا .. "
لو لم يكن نديم موجودا ، أظن ... أنني كنت سأصاب بالجنون . | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:17 pm | |
| ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
اليوم سيأتي أهلي لزيارتي حسب الاتفاق .
في مثل هذا اليوم أكون أنا محلقا في السماء و في حالة توتر مستمرة ... أهلي بعد أن كانوا يزورونني 3 مرات في الأسبوع ، اقتصروا على واحدة بسبب صعوبة الحضور و مشقة المشوار ...
أذرع الغرفة ذهابا و إيابا في توتر شديد ... منتظرا لحظة مجيئهم .
" ما بك يا وليد ! اجلس ! ألم تتعب من المشي ذهابا و عودة ؟ لقد أصبتني بالدوار ! "
" لا أستطيع التوقف يا نديم ... والداي و أخي سامر سيحضرون في أية لحظة ! أنا مشتاق لهم كثيرا جدا "
" على الأقل ... أنت لديك من يزورك ! أما أنا فلا علم لي بحال زوجتي و ابنتي ... ربما أصابهما مكروه "
التفت إلى نديم و أنا مندهش من صبر هذا الرجل و قدرته على التحمل ... من هذا الرجل العظيم ، تعلّمت أشياء كثيرة ... و أدين له بالكثير ...
قلت : " لا بد أنهما لم تحصلا على تصريح لزيارتك ... خصوصا و أنت ( مجرم سياسي ) و يخشى منك ! "
ابتسم نديم ، و قال مازحا :
" نعم ! فأنا ألعب بمصير دولة و شعب كامل ، لا رجل واحد ! لم لا تعمل معي بعد خروجنا من هنا ؟ "
" بعد خروجي من هنا ، فإن آخر شيء أفكر به هو العودة ! أبقني بعيدا عن السياسة و الدولة و الشعب ... إنني فقط أريد العودة إلى أهلي ... "
نعم ، فمن يجرّب عيشة كهذه لا يمكن أن يسلك طريقا قد يعيده إليها .
هنا ، فُتح الباب ، فاقشعر بدني و تأهبَت أذناي لسماع ما سيقوله الحارس ... ربما جاء دوري للزيارة ...
وقفنا جميعا ، أنا و نديم و جميع من كان معنا لدى سماعنا جلبة و ضوضاء قادمة من ناحية الباب ، و من ثم رؤيتنا للحراس و الضباط يدخِلون ثلاثة من الرجال المكبلين بالحديد إلى داخل السجن ، و يدفعون بهم دفعا و ينهالون عليهم بالضرب العنيف ...
لقد كان مشهدا مريعا هزّ قلوبنا جميعا ، و حين قاوم أحدهم رجال الشرطة و حاول مهاجمته ، رُمي بالرصاص ... و خر صريعا .
حمل بعض الحراس الجثة و أبعدوها خارج الزنزانة ، فيما واصل بعضهم ضرب الرجلين الآخرين حتى أفقدوهما الوعي ...
كان منظرا فظيعا جفلت أفئدتنا و اكفهرت وجوهنا لدى رؤيته ...
ترك الضباط و الحراس السجينين الجديدين ، و غادروا .
وقفت جامدا في مكاني لا أقوى على الحراك ، بعد أن كنت في قمة النشاط و الحركة ، أجول بالغرفة دون سكون ....
اقترب بعض الزملاء من الرجلين و حملوهما إلى سريرين متجاورين ، و اعتنوا بهما حتى أفاق أحدهما ، و علمنا منه أنهم ـ أي الثلاثة ـ ( متهمون بجرائم سياسية ) و محكوم عليهم بالإعدام .
أخبرنا المجرم الجديد هذا عن الأوضاع التي ازدادت تدهورا بشكل كبير جدا ، و أنه تم القبض على مجموعة كبيرة جدا من الشبان بتهم سياسية مختلفة و زج بهم في السجون ، في انتظار حكم الموت ، و أن عدد القتلى من جنود الحرب و كذلك من عامة الناس في ازدياد مطرد ، و أن الحرب حامية الوطيس و المقابر ممتلئة و الفوضى تعم البلاد ...
بقيت واقفا عند الباب انتظر ... الوقت يمر و أهلي لم يحضروا ... فهل أعاقهم شيء ؟ أم هل أصابهم مكروه لا قدّر الله ؟
نديم كان يراقبني ، و كلما التفت إليه التقت نظراتنا ، أنا في قلق ، و هو يصبّر ... و كلما التفت إلى الناحية الأخرى ، وقع بصري على الدماء المراقة على الأرض ... فأرفع بصري في ذعر نحو السقف ، فأرى مجموعة من حشرات الجدران تتجوّل بلا رادع ...
فأشعر باختناق في صدري ، و أحاول شهق نفس عميق ، فتنجذب إلى أنفي روائح كريهة مختلطة ، مزيج من روائح العرق ... و الدماء ... و الأنفاس ... و بقايا الطعام المتعفن في سلة المهملات ... و دخان السيجارة التي يدخنها الحارس خلف الباب ...
" أين والداي ؟ لماذا لم يحضرا ؟ أخرجوني من هنا ... لم أعد أحتمل ... أخرجوني من هنا ... "
انهرت و أنا أبكي كطفل أضاع والديه في متاهة ، فأقبل نديم نحوي يواسيني ، بينما أطلق مجموعة من السجناء هتافات الانزعاج و الاستياء أو السخرية مني و من بكائي و نحيبي المتكرر ...
إنني ابن العز و النعمة و الرخاء ... و قد تربيت في بيت نظيف وسط عائلة راقية محترمة ... كيف لي أن أتحمّل عيشة كهذه ، و لدهر طويل ، لمجرد أنني قلت شخصا يستحق الموت ؟
لم يحضر والداي في ذلك اليوم ، و لا اليوم الذي يليه ، و لا الأسبوع الذي يليه ، و لا الشهر الذي يليه ، و لا السنين التي تلته واحدة تلو الأخرى .... | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:17 pm | |
| أصبحت منقطعا بشكل نهائي عن أهلي و عن الدنيا بأسرها اعتقد أن مكروها قد ألم بهم ، و لا أستبعد أن يكونوا قتلوا في الحرب ...
الشخص الوحيد الذي حضر لزيارتي بعد عامين كان صديقي القديم سيف .
" لا أصدق أنك تذكرتني ! لا بد أنني أحلم ؟ "
قلت ذلك ، و أنا مطبق بكل قوتي على صديقي ، كمن يمسك بخيال يخشى ذهابه ...
" لم أنسك أيها العزيز ... إنني عدت للبلد بصعوبة قبل أيام ، فكما تعلم كنت مسافرا للدراسة في الخارج ... أوضاع البلد لم تسمح لي بالعودة قبل الآن "
سألته بلهفة و خوف :
" و أهلي ؟ عائلتي ؟ ما هي أخبارهم ؟؟ أما زالوا أحياء ؟ لماذا لا يزورونني ؟ "
سيف طأطأ برأسه و تنهد بمرارة ، فأغمضت عيني ّ و وضعت يدي فوقهما لأتأكد من أن الخبر المفجع لن يصلني ...
سيف ربت على كتفي و قال :
" لا علم لي بأخبارهم يا وليد ... إذ يبدو أنهم اضطروا للرحيل عن المدينة و ربما سافروا لمكان بعيد ... و لم يتمكنوا من العودة ... "
تأوهت ... و شعرت بشيء يخترق صدري فتألمت ... تهت بعيدا ... هل انتهى كل شيء ؟ أمي و أبي ... سامر و دانة ... و الحبيبة رغد ... حياتي كلها ... هل انتهى كل ذلك ..؟؟
شعر سيف بألمي فعانقني بعاطفة ملتهبة ... و قال :
" سأحاول تقصي أخبارهم يا وليد ... الدنيا في الخارج مقلوبة رأسا على عقب ... ربما تكون أنت قد نجوت بدخولك هذا السجن ! "
أبعدت سيف عني قليلا بما يسمح لأعيننا باللقاء ...
قلت :
" أريد أن أخرج من هنا ... "
أمسك سيف بيدي و شدّ عليها ... عيناه تقولان أن الأمر ليس بيده ...
قلت :
" سيف ... سيف أنت لا تعلم كم الحياة هنا سيئة ! إنهم ... إنهم يا سيف يضعون الحشرات عمدا في طعامنا و يجبروننا على قضم أظافرنا ... و المشي حفاة في دورات المياه القذرة ! سيف ... إنهم لا يوفرون لنا الأشياء الضرورية كالمناديل و شفرات الحلاقة ! أنظر كيف أبدو ؟ ألست مزريا ؟ عدا عن ذلك ، فهم يضربون و بعنف كل من يبدي استياء ً أو يتذمر ! زنزانتي يا سيف ... لا يوجد فيها فتحة غير الباب المقفل ... لا هواء و لا نور إنني مشتاق إلى الشمس ... إلى الهواء النقي ... إلى أهلي ... إلى الحياة ... إلى كل شيء حرمت منه ... أبسط الأشياء التي تجعلني أحس بأنني بشر ... مخلوق كرّمه الله ! إلى ... فرشاة أسنان نظيفة أنظّف بها أسناني ! "
و لو كنت استمررت في وصف حالي له ، لكان فقد وعيه من الذهول ... إلا أنني توقفت حين شعرت بيده ترتخي من قبضها على يدي و رأيت الدموع تتجمع في مقلتيه منذرة بالهطول ...
أغمضت عيني ّ بحسرة و أنا أتخيل و أقارن بين حياتي في البيت ، و حياتي في هذه المقبرة ... و جاء طيف رغد و احتل مخيلتي ... الآن ... أراها و هي تقول في لقائنا الأخير :
" لا ترحل ... لا تتركني "
و تتلاشى هذه الصورة ، ثم تظهر صورتها و هي مذعورة و ترتجف بين ذراعي ، ذلك اليوم المشؤوم ....
ثم تظهر صورة عمّار ، و ابتسامته الخبيثة لحظة رميه الحزام في الهواء ...
" إلى الجحيم ... "
قلت دون وعي مني :
" كان يجب أن أقتله ... و لو يعود للحياة ... لقتلته ألف مرّة ... "
انتبه صديقي سيف من شروده و تخيله لحالتي الفظيعة ، قال :
" لماذا ؟ "
نظرت إله ، بصمت موحش ... فعاد يقول :
" لماذا يا وليد ؟... الذي دفعك لأن ترمي بنفسك في حياة كهذه لابد أنه ...؟؟ "
و لم يتم جملته ، استدرت موليا إياه ظهري ... تماما كما استدرت حين سألني يوم الحادث .
سيف لم يصبه اليأس مني ... قال :
" أخبرني يا وليد ... فقد يكون أمرا يقلب الموازين و يخرجك من هنا بمدة أقصر ... والدي أكد لنا ذلك فيما مضى و قد يستطيع إعادة النظر في قضيتك بشكل ما ... "
بدا و كأن قلبي قد تعلّق بأمل الخروج ... و البحث عن أهلي و العودة إليهم ... و لكن ... ألم يفت الأوان ...؟؟
" وليد ... "
استدرت لأواجه سيف ... كانت نظرات الرجاء تملأ عينيه ... إنه الوحيد الذي أتى ليزورني من بين أصحابي و أهلي و الناس أجمعين ...
" لماذا وليد ...؟ "
" سيف ... "
" كنتَ على وشك الوصول لقاعة الامتحان ... ما الذي أخبرك به ، ثم أجبرك على ترك الامتحان و الذهاب إلى تلك المنطقة ؟ و بالتالي ... قتله ؟؟ "
" كان يجب أن أقتله ... "
" لماذا قل ؟ أخبرني ... "
" لأنه ... "
" أجل ..؟؟ "
" لأنه ... ... لأنه اختطف صغيرتي رغد ... و هددني بإيذائها ما لم أسرع بالحضور لتلك المنطقة ... "
أصيب سيف بالذهول ... و اتسعت حدقتا عينيه و انفغر فاه مصعوقا ...
قال ، دون أن تتلامس شفتاه :
" و ... ؟ "
" و انتهى كل شيء .... "
| |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:21 pm | |
| أفقت من نومي مذعورا ، و العرق يبلل ملابسي و فراشي ، كما تبلل الدموع وجهي المفزوع ...
كنت أرتجف ، و أتنفس بصعوبة بالغة ... و بلا إدراك اهتف
" رغد ... رغد "
صديقي نديم أقبل نحوي و أخذ يهدئني و يطمئنني ...
" هوّن عليك يا وليد ... لم يكن إلا كابوسا "
لم أشعر بنفسي و أنا ارتمي على صدر نديم و أبكي بقوة و أهذي ...
" أريد العودة لأهلي ... دعوني أراهم و لو مرة واحدة ثم اقتلوني ... لا أريد الموت قبل ذلك ... أريد أن أحقق أحلامي ... أريد أن أكمل دراستي ... أريد العودة إلى رغد ... كان يجب أن أقتله ... انتظريني يا رغد فأنا قادم ... "
و نهضت كالمجنون ... و توجهت نحو الباب و أخذت أضربه بعنف و أصرخ :
" أخرجوني من هنا ... أخرجوني من هنا أيها الأوغاد "
لحق بي نديم ليمنعني من إثارة مشكلة ألا أنني أبعدته عني بركلة قوية من رجلي ... و ظللت أركل الباب بشدة و أنا مستمر في الصراخ ...
حضر مجموعة من الحراس و فتحوا الباب ، ثم انهالوا علي ضربا بعصيهم حتى شلوا حركتي ... و انصرفوا ... لم يجرؤ أحد السجناء على فعل شيء حتى لا يلقى ذات المصير و منع عني الطعام في اليوم التالي تدهورت صحتي الجسدية و النفسية بشدة بعد تلك الليلة ، و قضيت عدة أسابيع طريح الفراش ... و ربما هذا ما منع العساكر من تطبيق نظام التعذيب اليومي على جسدي ... إلا إن أدركوا أنهم كانوا مخطئين ! جسدي ، و الذي كان ضخما و قويا ، تحول إلى عظام متراكمة فوق بعضها البعض بلا حول و لا قوة ...
بعد فترة وجيزة ، صدر قرار يمنع زيارة السجناء ، و لم يعد سيف للظهور مجددا
و انتهى أملي الوهمي بالخروج من هنا ....
و استسلمت أخيرا لحياة السجون ....
حاولت أن أصف لكم بعض الذي قاسيته في ذلك السجن الذي قضيت فيه فترة شبابي اليافع ... و التي ضاعت سدا ... فترة جافة قاسية أكسبتني جفافا و خشونة لم أولد بهما و لم أتربى عليهما و غيرت في بعض طباعي ، و بدأت أدخن السجائر كان الحارس يتصدق علينا بسيجارة واحدة ، ندور بها فيما بين شفاهنا جميعا ... و تقتسم همومنا و نقتسم سمومها ....
و مر عام آخر ... و أكثر ... ألمّ المرض بصديقي نديم من جراء التعذيب المستمر ... كان على فراشه ، و كنت اعتني بجروحه و إصاباته التي لم شملت حتى أطراف أصابعه ...
" وليد .. "
" نعم يا عزيزي ؟ "
" يجب أن تخرج من هنا ... "
قال نديم ذلك ثم رفع يده و مسح على رأسي ، ثم وضعها فوق كتفي .
" يجب أن تخرج من هنا يا وليد و إلا لقيت حتفك "
" إنني هالك لا محالة ... لا جدوى و لا أجمل ... "
" افعل شيئا يا وليد و غادر هذا المكان ... إنك لا زلت شابا صغيرا ... "
كنت الأصغر سنا بين الجميع ، و أكثرهم تذمرا و شكوى ، و بكاءا ، إلا أنني هدأت و استسلمت لما فرضته الأقدار علي ... و لم يعد الأمر يفرق معي ... ابتسمت ابتسامة استهتار و سخرية ، و يأس ... نديم كان ينظر إلي بعين عطف شديد و محبة أخوية ... قال :
" اسمعني يا وليد ... لدي مزرعة في المدينة الشمالية ، حيث كنت أعيش مع ابنتي و زوجتي ... متى ما خرجت من هنا ... فاذهب إليهما و أخبرهما بأنني كنت أفتقدتهما كثيرا و أنني بقيت على أمل العودة إليهما دون يأس لآخر لحظة في حياتي ... "
" نديم ... "
قاطعني قائلا :
" لا تنس ذلك يا وليد ... و إن احتاجتا مساعدة منك ... فأرجوك ... ابذل ما باستطاعتك "
أقلقتني الطريقة التي كان نديم يتحدث بها ، هززت رأسي و قلت :
" لماذا تقول ذلك يا نديم ...؟ "
و انتظرت أن يجيب
لكنه لم يجب ...
و تحركت يده الممدودة على كتفي ، ثم هوت للأسفل ... و ارتطمت بالفراش ... و سكنت سكون الموت ...
إنا لله ... و إنا إليه راجعون .... | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:22 pm | |
| بعد سنتين من ذلك ... و في أحد الأيام ... و فيما أنا مضطجع على سريري بكسل و عدم إكتراث ، أدخن بقايا السيجارة بلا مبالاة ، و انظر إلى السقف و أرى الحشرات تتجول دون أن يثير ذلك أي اهتمام لدي ... إذا بالباب يفتح ، ثم يدخل بعض الضباط معظم زملائي وقفوا في قلق ... أما أنا ، فلم أحرك ساكنا ... و بقيت أراقب سحابة الدخان التي نفثتها من صدري ترتفع للأعلى ... و تتلاشى ...
" وليد شاكر "
هتف أحد الضباط ... فقمت بتململ و التفت إليه ببرود لم يعد يهمني إن كان لدي أي درس جديد في الضرب أو غيره ...
عاد الضابط يهتف بحدّة :
" وليد شاكر "
نهضت عن فراشي و وقفت ازاء الضباط و أجبت بضجر :
" نعم ؟ "
و أقبل بعضهم نحوي ، فرميت بالسيجارة أرضا و سحقتها باستسلام ... أمسكوا بي و قادوني نحو الباب ، فسرت بخضوع تام ... عندما صرت أمام الضابط الذي ناداني ، رمقني بنظرة احتقار شديدة و هي نظرة قد اعتدت عليها و لم تعد تؤثر بشعوري ...
قال :
" وليد شاكر ؟ "
أجبت :
" نعم أنا ، و لا علاقة لي بالسياسة ، أرجو أن تتاكد من ذلك جيدا "
رفع الضابط يده و صفعني على وجهي صفعة قوية كادت تكسر فكي ...
ثم قال :
" هذه تذكار "
التفت إلى زملائي و عيني تقدح بالشر ، و قابلتني نظراتهم بالتحذير ... فكتمت ما في صدري ، ثم قلت :
" ثم ماذا ؟ "
ابتسم الضابط ابتسامة خبيثة دنيئة ، ثم قال :
" لاشيء ! فقط ... أفرجنا عنك "
| |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:23 pm | |
| الحلقةالتاسعة********
أخيرا جاء دوري !
صرتم تعرفونني جميعا ...
اسمي رغد ، و أنا يتيمة الأبوين أعيش في بيت عمّي الوحيد شاكر منذ الطفولة . أنهيت دراستي الثانوية مؤخرا و أفكر في الالتحاق بكلية للفنون و الرسم . أعشق الرسم كثيرا و أنا ماهرة فيه . الجميع يعرفني برغد المدللة ، حيث أنني تعودت منذ الصغر الحصول على كل ما أريد ، و بأي طريقة ! اليوم نقيم في منزلنا الصغير حفلة متواضعة بمناسبة تخرجي من المدرسة الثانوية . لم يتسن لنا إقامتها قبل الآن لأن والدتي ـ أي زوجة عمي ـ كانت متوعكة الصحة . في الواقع ، صحة والدتي ليست على ما يرام منذ سنين ...
دانه تبالغ في وضع المساحيق لتبدو ملفتة للنظر !
رغم أنها لم تكن ترحب بفكرة الحفلة ، إذ أننا لم نقم حفلة عند تخرجها ، إلا أنها مصرة على سرقة الأضواء مني هذه الليلة !
" إنها حفلة بسيطة و لا تقتضي منك كل هذا ! تبدين كعروس بكامل زينتها ! "
قلت لها و أنا واقفة أراقبها و هي ( مزروعة ) أمام المرآة منذ ساعات !
لم تلتفت إلي ، و قالت :
" ما دمنا قد دعوناهن، فلنبهرهن ! قد تعجب بي إحداهن فتخطبي لأخيها مثلا ! "
و ابتسمت بدهاء ! أنا أعرف من تقصد تحديدا ... لديها صديقة من عائلة ثرية جدا و شقيقها رجل تحلم نصف فتيات العالم بالزواج منه ، أما النصف الآخر فيبغضه بشدة ! إنه لاعب كرة قدم مشهور و صوره تملأ الصحف و المجلات و برامج التلفاز أيضا!
قلت :
" لا أعرف ما الذي يعجبكن في شخصية كهذه ! إنه حتى لا يتوقف عن توزيع الضحك و الابتسامات و كأنه مهرج ! "
نظرت إلي بحدة من خلال المرآة ، ثم قالت :
" على كل ٍ ، الأمر لا يعنيك فأنت أخذت نصيبك و انتهى دورك ! "
ثم انشغلت بتزيين خصلة من شعرها بسائل ملمّع ... صرفت نظري عنها ، إلى يدي اليمنى ، بالتحديد إلى إصبعي البنصر ، و بمعنى أدق ، إلى خاتم الخطوبة الذي أضعه منذ سنين ...
بمجرد أن بلغت الرابعة عشر من عمري أي قبل ثلاث سنوات و أكثر ، تم عقد قراني على ابن عمي سامر ... و بقينا مخطوبين حتى إشعار آخر . سامر ... يكبرني بخمس سنوات تقريبا ، و ما أن تخرج من الثانوية حتى بادر بطلب الزواج مني والدي ، بل و والدتي و دانة أيضا ... الجميع كان يريد ذلك ، فأنا أصبحت فتاة بالغة و لم يكن من الممكن بقائي و ابن عمي في بيت واحد دون حرج على كلينا عدا عن ذلك ، فإن سامر يحبني بجنون ! كما و أنني كنت السبب في الحادث الذي شوه وجهه ، و قلل فرصه لنيل إعجاب الفتيات قطعا أما أنا ، و بالرغم من كوني جميلة أيضا ، إلا أن هذا الخاتم يصرف الجميع عن الالتفات إلي ... على أية حال نحن لا نفكر في الزواج الآن فسامر لا يزال يبحث عن وظيفة و أنا أطمح إلى الحصول على شهادة جامعية ...
نبهتني دانة من شرودي الذي لاحظته من خلال انقطاعي عن التعليق المستمر على مظهرها
قالت :
" أين سرحت ؟ ألن تبدلي ملابسك ؟ إنهن على وشك الوصول ! "
غادرت غرفتها و اتجهت إلى غرفتي ، حيث ارتديت فستاني الجديد الرائع ... و الذي أضطر والدي لشرائه لي رغم ارتفاع ثمنه ، فقط لأنني قلت : أريده لي ! كان فستانا خمري اللون مطرزا بخيوط ذهبية ، طويل الذيل ، و بدون كمّين ، مما يسمح للندبة القديمة في ذراعي اليسرى بالظهور ... أكملت زينتي و تحليت بطقم العقد الذهبي الذي أهدتني إياه والدتي قبل أيام ... حينما لففت السوار حول معصمي الأيسر ، لم يبدُ منظره متناسقا مع الساعة ... إذ أن السوار ذهبي بينما الساعة فضية اللون ... هممت بخلعها ، لكنني لم أستطع ... لا أريد أن أبقيها بعيدة عني في هذه الليلة ... لطالما كانت قريبة مني و ملتصقة بي ... لم أكن آبه لتعليقات زميلاتي المزعجة حول ارتدائي لساعة رجالية ! إنها شيء لا أستطيع التخلص منه ... تماما كهذه الندبة ! نزعت السوار الذهبي ، و حاولت لفه حول معصمي الأيمن ففشلت !
" سحقا ! " | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:24 pm | |
| صحت بغضب ، في ذات اللحظة الذي طرق فيها الباب ... لابد أنها دانه جاءت تقارن بين مظهرينا كالعادة !
" ادخل "
قلت ذلك و أنا مازلت أحاول إغلاق السوار بيدي اليسرى حول معصمي الأيمن دون جدوى
" مساء الخير ! "
لم يكن هذا صوت دانه ، بل سامر
رفعت بصري إليه و باندفاع قلت :
" سامر ، هل لا أغلقت هذه قبل أن أحطمها ؟ "
و أقبلت نحوه أمد إليه بمعصمي الأيمن و بالسوار ...
" رويدك ! هاتي .. "
و أغلق السوار حول يدي اليمنى ، فسحبتها إلا أنه أمسك بها و قال :
" تبدين رائعة ! جدا "
تورد خداي خجلا .. ثم قلت :
" مساء النور ... ! هل قلت ُ ذلك ؟ "
ابتسم ، و قال :
" لا أظن ! "
" إذن مساء النور ! "
ثم سحبت يدي فأطلقها توجهت إلى سريري ألملم الأشياء التي بعثرتها أثناء تزيين نفسي ، و دخل سامر و أغلق الباب ...
" رغد "
ناداني بصوت مرح و بابتسامة مشرقة ، و سعادة تملأ عينيه
" نعم ؟ "
أقبل نحوي ، و عاد يمسك بيدي و قال :
" لدي خبر سار جدا "
ابتسمت و قلت :
" هات ؟ "
" لقد عثرت على فرصة ذهبية للعمل في وظيفة مرموقة "
فرحت كثيرا ! قلت بسرور :
" حقا ! أوه أخيرا ... ممتاز ! "
شد سامر قبضته على يدي و قال منفعلا :
" أخيرا ! كم أنا سعيد و لا يتسع صدري لفرحتي هذه ! سأحصل على راتب عظيم ! "
بالنسبة لنا فهذا شيء مهم جدا ، لأن أحوالنا المادية كانت في انحطاط بسبب ظروف الحرب ، و كنا بحاجة لدعم مادي جيد .
قلت :
" متى تباشر العمل ؟ "
" حالما أنهي الإجراءات اللازمة . سأحاول إتمامها خلال يومين أو ثلاثة "
" وفقك الله " | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:25 pm | |
| قرب سامر يدي من صدره ، و قال :
" يجب أن نحدد موعد الزواج "
تفاجأت ، فنحن لم نتحدث عن الزواج بجدية بعد ... حالما رأى سامر علامات التعجب ظاهرة على وجهي قال :
" عملي سيكون في مدينة أخرى ، و أريد أخذك معي "
سحبت يدي مجددا ، في توتر ..
فالخبر قد فاجأني ، و لم يعجبني ... قلت :
" في مدينة أخرى ؟ ... لم عليك الذهاب لمدينة أخرى ؟ "
قال :
" تعرفين كم هو صعب العثور على وظيفة جيدة بسبب ظروف البلد ... إنها فرصة لا يمكنني رفضها مطلقا . أخبرت والدي ّ فشجعا ذهابي "
صرفت نظري عنه إلى الأرض بضع ثوان ، ثم عدت أنظر إليه و قلت :
" و شجعا زواجنا ؟ "
ابتسم ، و قال :
" لم أذكر ذلك لهما بعد . أود أن نناقش الأمر نحن أولا "
من البرود الذي اعترى تعابيري أدرك سامر عدم موافقتي ، فقال :
" لم لا ؟ "
قلت :
" و الكلية ؟؟ "
قال :
" الكلية ... هل هناك ضرورة لها ؟ "
" بالطبع ... أريد أن أدرس ، إنها فرصتي "
صمت سامر قليلا ، ثم قال :
" اصرفي نظر عنها يا رغد أرجوك ... أنا لا أريد تضييع الفرصة ، كما لا أريد العيش وحيدا هناك ... تعلمين أنني لا أستطيع الابتعاد عنك ... "
و أخذ ينظر إلى نظرات رجاء و أمل ... كنت على وشك قول : لنؤجل النقاش في الأمر لوقت أنسب لأن ضيفاتي على وشك الوصول ، إلا أن طرق الباب سبقني ، و دخلت دانة مباشرة و هي تقول :
" رغد ! ألم تنتهي ؟ وصلت نهلة ! "
التفتنا أنا و سامر نحو دانة ، و التي أخذت تحدق بي قليلا ثم التفتت إلى سامر و قالت :
" أنت هنا سامر ؟ قل لي كيف أبدو ؟ أليس فستاني أكثر جمالا من فستان رغد ؟ "
سامر أخذ يدور ببصره بيننا ثم قال مداعبا :
" أنا لا أصلح للحكم بين خطيبتي و أختي ! فخطيبتي ستبدو أجمل في كل مرة ! "
ثم انصرف مسرعا و هو يضحك . بقينا نحن الاثنتان كل منا تتأمل الأخرى ، حتى وقعت عينا دانه على ساعة يدي ، فقالت بحدة :
" رغد ! ستبدين في منتهى السخافة هكذا ! اخلعيها و لا تحرجينا أمامهن ! "
نظرت إليها بغضب و قلت بعناد :
" لن أخلعها ، و سأظل الأجمل أيضا ! "
في غرفة الضيوف حيث نقيم الحفلة ، وجدت نهلة و سارة ، ابنتا خالتي قد وصلتا و كانتا أول من حضر .
" واو ! فستان رائع ! ما أجمله يا رغد ! "
قالت نهلة و هي تبعد يدها بعد مصافحتي ... نهلة كانت صديقة طفولتي الأولى ، و انتقلت مع عائلتها للعيش في هذه المدينة مثلنا أيضا منذ سنين ، و لا تزال أفضل صديقة لدي . أما سارة فهي الشقيقة الوحيدة لنهلة ، و تصغرني بست سنوات ، و تلازم نهلة كالظل !
" هل أعجبك حقا ؟ اشتراه والدي بسعر مرتفع ! إنني أعامله كأي قطعة من حليي هذه ! "
ابتسمت نهلة و قالت :
" كم أحسدك ! لديك أب يدللك كما لا يدلل والد ابنته ! رغم أنك لست ابنته الحقيقية ! "
هذه الكلمة تزعجني كثيرا ، فأنا لا أحب أن يشير أحد إلى والدي ّ بأنهما ليسا والدي ّ الحقيقيين . إنني اعتبرتهما كذلك منذ الصغر و لا أعرف والدين غيرهما مطلقا .
قلت بنبرة مازحة :
" لأنني البنت الصغرى ، و آخر العنقود ... يجب أن أتدلل ! "
ثم نظرت إلى سارة و قلت :
" أليس كذلك سارة ؟ "
أجابت ببرود :
" كما تقول أختي "
رفعت نظري عن هذه الفتاة البليدة ، و عدت أخاطب نهلة :
" و كيف حال خالتي و زوج خالتي ؟ و حسام ؟ "
أجابت :
" بخير جميعا ! حسام أوصلنا إلى هنا و أظنه يلقي التحية على والدك الآن " | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:27 pm | |
| ثم أضافت ، و هي تنظر إلي من زاوية عينها بخبث :
" و على فكرة ، هو يبعث إليك أيضا بتحية حارة مشتعلة !! "
رفعت إصبعي السبابة الأيمن و ضربت جبينها ضربة خفيفة و أنا أقول :
" لا تتوبين ! "
و انبعث ضحكاتنا تملأ الأجواء .
ما إن حضرت صديقتنا الثرية حتى استقبلتها دانه استقبالا حميما ، و أولتها اهتماما مركزا طوال الحفلة ! أتساءل ... هل هذا ما يحدث مع جميع الفتيات ! هل يجذبن العرسان إليهن بهذه الطريقة ؟؟ حقيقة لا أعرف !
بينما كنا في أحاديثنا المتواصلة في الحفلة ، سألتني هذه الصديقة :
" هل أنت مخطوبة ! "
و كانت تنظر إلى خاتم الخطوبة المطوق لإصبعي ، و في دهشة واضحة !
تولت دانة الإجابة بسرعة :
" ألم أخبرك مسبقا ؟ إنها و شقيقي مرتبطان منذ زمن ! "
قالت الصديقة :
" و لكن ... تبدين صغيرة ! "
و مرة أخرى تدخلت دانة قائلة :
" تصغرني بعامين و بضعة أشهر ، لكن حجمها صغير ! "
صحيح أن طولي لا يقارن بطول دانه أو سامر ، لكنني لست قصيرة ! بل هما الطويلان كما هما أبي و أمي ! إنني أبدو بالفعل لست من هذه العائلة !
قلت مداعبة :
" هذا يجعلني قادرة على ارتداء الأحذية الأنيقة ذات الكعب العالي المتماشية مع الموضة ! على العكس من دانة ! "
و ضحكنا جميعا بمرح ... قضينا سهرة ممتعة أنستني تماما موضوع سامر الأخير . و بعد الحفلة ، أويت إلى فراشي مباشرة و نمت بسرعة ، دون أن يخطر الموضوع ببالي . في اليوم التالي ، و فيما أنا منشغلة برسم لوحة جديدة في غرفتي ، جاءني سامر ...
" ألم تتعبي ؟ قضيت فترة طويلة في الرسم ! "
" الرسم لا يتعبني مطلقا يا سامر ، بل أهواه و أجد راحة كبرى أثنائه و سعادة غامرة لا أجدها مع أي شيء آخر "
قال :
" و لا حتى معي أنا ؟؟ "
كان سامر يقف إلى جانبي يتأمل رسمي الجديد ... و كنت أنا أدقق النظر في اللوحة و ألقي عليه نظرة بين الفينة و الأخرى و حين نطق بجملته الأخيرة هذه ، أطلت النظر إليه ، فشعرت بالخجل و طأطأت رأسي
" رغد ... "
لم أجب ... مد سامر يده فامسك بوجهي و رفعه للأعلى ...
قال :
" رغد ... هل فكرت بموضوعنا ؟ "
في تلك اللحظة فقط تذكرت الموضوع ! آه يا إلهي كم هي ضعيفة ذاكرتي ! سامر كان يتحدث باهتمام ... فالأمر يعني له الكثير ، و قد قضى وقتا طويلا في البحث عن عمل ... لم أشأ أن أصيبه بخيبة بقولي : كلا
فقلت :
" لازلت أفكر ... "
سامر قال بنبرة مليئة بالرجاء :
" أرجوك يا رغد ... يجب أن أبدأ الإجراءات المطلوبة قبل أن تضيع الوظيفة "
نظرت إليه و قلت :
" ماذا لو ... عملت أنت هناك ، و أكملت دراستي أنا هنا ... ثم ... " | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:28 pm | |
| لم أتم جملتي ، إذ أن سامر هز رأسه اعتراضا و قال :
" لا ... إما أن نذهب سويا ... أو نبقى سويا ... "
كنت أدرك أن سامر لا يستطيع الابتعاد عنا ، كما أن علاقاته بالآخرين محدودة و كثيرا ما كان يتجنب الاجتماعات المختلفة ، ليتلافى الحرج من وجهه المشوه . حتى أنه حين أراد إكمال دراسته ، اختار مجالا لا يدع له الفرصة للاحتكاك بالآخرين إلا نادرا سامر ... هو شخص هادئ و مسالم ... و طيب القلب ...
قلت :
" دعنا نأخذ برأي أبي و أمي كذلك ... يجب أن تتم أنت الإجراءات الآن ، فيما نفكر بروية "
ابتسم سامر و قال :
" سأذهب الآن لإنجاز ذلك ، و أعرض الأمر على والدي ّ الليلة ! سنفاجئهما ! "
ابتسمت ابتسامة قلقة حائرة ، و تركته يذهب و واصلت رسم لوحتي ... كنت مصرة على إنجاز تلك اللوحة بأسرع وقت ...
و في الليل ، تركت سامر يذهب إلى غرفة والدي لعرض الفكرة ، فيما بقيت في غرفتي في قلق و حيرة ... و أخذت أفكر ... و يبدو أن كثرة التحديق في اللوحة أصابت عيني بل و جسدي بالإعياء ، فأغمضتهما و لدهشتي استسلمت للنوم !
أفقت بعد ذلك فزعة على صوت طرق متواصل على الباب ...
نهضت عن سريري بفزع ... و أصغيت إلى الهتاف ...
" رغد ... رغد افتحي ... افتحي بسرعة ! "
كانت دانة !
سرت إلى الباب بسرعة و ارتعاش و أنا في قمة القلق ...
و قبل أن أصل إليه رأيته ينفتح و تدخل دانة في انفعال ...
كانت في حالة يصعب علي وصفها ...
كان جسدها يرتعش ، و أنفاسها تتضارب و تتلاحق بسرعة عبر فيها المفغور ... ذراعاها مفتوحتين ... و يداها مرفوعتين و أصابعها منفرجة ، و تهتز بشدة ... و الدموع تنهمر بغزارة على خديها
قلت في هلع و أنا أرفع يدي إلى قلبي من الذعر :
" دانه ... ماذا حدث ؟؟ "
" رغد ... رغد ... "
و عادت تلهث ...
" رغد ... رغد ... أخي ... أخي ... "
تجمّدت و انحبس نفسي الأخير في صدري ...
حاولت قول : ماذا ...
ألا أنني عجزت من الذعر ... | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:28 pm | |
| هززت رأسي و أنا أشد الضغط بيدي على صدري فوق قلبي ، كمن يحاول حماية قلبه من تلقي صدمة ما ...
كانت دانة تحاول النطق و عجزت إلا عن إصدار أصوات مبهمة ، و أشارت إلي أن اقترب ...
خطوت خطوة نحوها و نطقت أخيرا :
" سامر ... "
هزّت دانة رأسها و قالت بصوت لا أعرف من أين خرج ...
" و ...
و ...
وليد ...
وليد عـــــــــــــــــــــــــــــاد "
للحظة ... ظللت أحدق في دانة ... في تشتت لم أكن أعرف ... هل هذا واقع أم أحد أحلامي ... ؟ تلفت من حولي علّي أرى شيئا واضحا أكيدا بالنسبة لي ... كل شيء كان مبهما ...
دانة عادت تقول :
" وليد قد عاد ... عاد يا رغد ... عاد "
لم تكن كلمات واضحة بالنسبة لي ... و بقيت واقفة على نفس الوضع ... فأقبلت دانة نحوي و أمسكت بكتفي و ضغطت عليهما ... لمجرد إحساسي بيديها على كتفي أدركت أنه ليس حلما
لم أشعر بأي شيء يتحرك في جسدي لكنني رأيت الجدران تتحرك بسرعة و الأرض تجري من تحت قدمي ّ و الطريق يقودني إلى خارج الغرفة ...
و أطير ... أطير ... نحو مصدر أصوات البكاء التي أسمعها منبعثة من مكان ما في المنزل ... بالتحديد ... مدخل المنزل ... و عند أعلى الدرجات المؤدية إلى المدخل ... توقف الكون فجأة عن الحركة من حولي ... و ترنحت ذراعاي إلى جانبي ّ ... و تشبثت أنظاري بالصورة التي ظهرت أمامي ... و تمركزت فوق العينين السوداوين اللتين تعلوان الرأس العريض الثابت فوق ذلك الجسد الطويل ....
| |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:29 pm | |
| الحلقةالعاشرة *******
ما أن خرجت من السور الضخم العملاق المحيط ببنايات السجن ، حتى وجدت سيارة تقف على الطريق المقابل ، و إلى جانبها يقف رجل عرفت فورا أنه صديقي الحميم سيف ... كنت أسير ببطء شديد ، خشية أن أفيق مما ظننته مجرد حلم ... حلم الحرية ... أنظر إلى السماء فأرى الشمس المشرقة تبعث إلى بتحياتها و أشواقها الحارة و أرى الطيور تسبح بحرية في ساحة الكون ... بلا قيود و لا حواجز ... و أتلفت يمنة و يسرة فتلفحني أنسام الهواء النقية ... عوضا عن أنفاس المساجين المختلطة بدخان السجائر ... لن أطيل في وصفي لشعوري ساعتها فأنا عاجز عن التصوير ... تعانقنا أنا و صديقي سيف عناقا حارا جدا و لا أعرف لماذا لم تنصهر دموعي ذلك الوقت ! أ لأنني قد استنفذتها في السنوات الماضية ؟؟ أم لأنني كنت في حالة عدم تصديق ؟؟ أم لأنني فقدت مشاعري و تحجر قلبي و تبلد إحساسي ...؟؟
" حمد لله على خروجك سالما أيها العزيز "
قال سيف و هو يعانقني وسط بحر من الدموع ...
و يدقق النظر إلى تعابير وجهي الغريبة و عيني الجامدة و أنفي كذلك !
قلت :
" عدا عن كسر بسيط في الأنف ! "
و ضحكنا !
قلت :
" فعلها والدك ؟ "
ابتسم و قال مداعبا :
" والدي و أنا ! بكم تدين لي ؟؟ "
" بثمان سنين من عمري أهديها لك !"
ركبنا السيارة و ابتدأ مشوار العودة ... الطويل كان المقعد جلدي قد أحرقته الشمس ، و ما إن جلست عليه حتى سرت حرارته في جسدي فحركت فيه حياة كانت ميتة ... طوال الوقت ، كنت فقط أراقب الأشياء تتحرك من حولي ... الطريق ... الشارع ... الأشجار كل شيء يتحرك ... بعد أن قضيت 8 سنوات من الجمود و السكون و الموت ...
8 سنوات من عمري ، ضاعت سدى ... فمن يضمن لي العيش ثمان سنوات أخرى ... أو أكثر أو أقل ؟؟ دهشت لدى رؤية آثار الحرب و الدمار ... تخرب البلد ... الطريق كان شاقا و الشوارع مدمرة ، و كان علينا عبور مناطق لا شوارع بها وقد حضر سيف بسيارة مناسبة للسير فوق الرمال . بين الفينة و الأخرى ألقي نظرة على ساعة السيارة ، و دونا عن بقية الأشياء من حولي ،لا أشعر بها هي بالذات تتحرك ... إنني في أشد الشوق لرؤية أهلي ... منزلي ... مدينتي ... و شديد اللهفة إلى صغيرتي رغد ! آه يا رغد ! ها أنا أعود ... فهل أنا في حلم ؟؟
كانت الشمس قد استأذنت للرحيل على وعد بالحضور صباحا ، لحظة أن فتحت عيني على صوت يناديني ...
" وصلنا ! انهض عزيزي "
لم أشعر بنفسي حين نمت مقدارا لا أعلمه من الوقت ، إلا أنني الآن أفقت بسرعة و بقوة ... كان جسدي معرقا و ملتصقا بملابسي و بالمقعد ... و مع ذلك لم أشعر بأي انزعاج أثناء النوم ...
" وصلنا ! إلى أين ؟ "
قلت ذلك و أنا أتلفت يمنة و يسرى و أرى الدنيا مظلمة ... إلا عن أنوار بسيطة تتبعثر من مصابيح موزعة فيما حولي ...
قال سيف :
" إنه منزلي يا وليد "
حدقت بسيف برهة ، ثم قلت :
" خذني إلى منزلي رجاءا ! "
سيف علاه شيء من الحزن و قال :
" كما تعرف يا وليد ... أهلك قد غادروا ... ستبقى معي لحين نهتدي إليهم سبيلا " | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:30 pm | |
| قضيت تلك الليلة ، أول ليالي الحرية ، في بيت العزيز سيف . هل لكم بتصور شعوري عندما وضعت أطباق العشاء أمامي ؟؟ طبخات لم أذقها منذ ثمان سنين ، شعرت بالخجل و أنا مقبل على الطعام بشراهة فيما سيف يراقبني و يبتسم !
" أنا آسف ! إنني جائع جدا ! "
قلت ذلك و أنا مطأطئ بعيني نحو الأسفل خجلا ، إلا أن سيف ضحك و قال :
" هيا يا رجل كل قدر ما تشاء و اطلب المزيد ! بالهناء و العافية "
رفعت بصري إليه و قلت :
" لو تعلم كيف كان طعامي هناك ... ! "
هز سيف رأسه و قال :
" انس ذلك ... لقد كان كابوسا و انتهى ، الحمد لله "
هل انتهى حقا ... ؟؟
رغم أنه كان سريرا ناعما واسعا نظيفا و عطرا ، ألا أنني لم استطع النوم جيدا تلك الليلة ... كيف تغمض لي عين و أنا مشغول البال و التفكير ... بأهلي ... و بعد صلاة الفجر ، و حينما عادت الشمس موفية بوعدها ، و اطمأننت إلى أنها صادقة و ستظهر لتشرق حياتي كل يوم ، فتحت النافذة لأسمح بأشعتها للتسرب إلى الغرفة و معانقة جسدي بعد فراق طويل ...
رأيت أشياء كثيرة و مزعجة في نومي ... سمعت صوت نديم يناديني ...
" انهض يا وليد ، جاء دورك "
كان العساكر يقفون عند باب السجن ينظرون إلي ... لم أشأ النهوض ... هززت رأسي معترضا ، لكن نديم ظل يناديني أفقت ، و فتحت عيني لأنظر إليه ، و أرى السقف و الشقوق التي تملأه ، و تخزن عشرات الحشرات بداخلها ... لكنني رأيت سقفا نظيفا و مزخرف ... منظر لم أعتد رؤيته ... نهضت بسرعة و نظرت من حولي ...
" وليد ! هل أفزعتك ! أنا آسف ! "
كان صديقي سيف يقف إلى جانبي ... قلت و أنا شبه واع ، و شبه حالم :
" أنت سيف ؟ أم نديم ؟؟ هل أنا في السجن ؟ أم ... "
سيف مد يده و أمسك بيدي بعطف و قال :
" عزيزي ... إنك في بيتي هنا ، لا تقلق ... "
خشيت أن يكون حلما و ينتهي ، حركت يدي الأخرى حتى أطبقت على يد سيف بكلتيهما ، و قلت :
" سيف ! أهي حقيقة ؟ أرجوك لا تجعلني أفيق فجأة فأكتشف أنه مجرد حلم ! هل خرجت أنا من السجن حقا ؟؟ "
الآن فقط ، تفجرت الدموع التي كانت محبوسة في بئر عيني ّ
بعد ذلك ، أصررت على الذهاب للمنزل حتى مع علمي بأن أحدا لم يعد يسكنه و كلما اقتربنا في طريقنا من الوصول ، كلما تسارعت نبضات قلبي حتى وصلنا و كادت تتوقف ! اتجهت نحو الباب و جعلت أقرع الجرس ، و سيف ينظر إلي بأسى لم يفتحه أحد ... جالت بخاطري ذكرى تلك الأيام ، حينما كانت رغد و دانة تتسابقان و تتشاجران من أجل فتح الباب ! التفت إلى الخلف حيث يقف سيف ، و كانت تعابير وجهه تقول : يكفي يا وليد ، لكنني كنت في شوق لا يكبح لدخول بيتي ... نظرت من حولي ، ثم أقبلت إلى السور ، و هممت بتسلقه !
" وليد ! ما الذي تفعله !؟ "
أجبت و أنا أقفز محاولا الوصول بيدي إلى أعلى السور :
" سأفتح الباب ، انتظرني "
و بعد أن قفزت إلى الداخل فتحت الباب فدخل سيف ...
" و لكن لا جدوى ! كيف ستدخل للداخل ؟ "
بالطبع ستكون الأبواب و النوافذ جميعها مغلقة و موصدة من الداخل ، ألا أنني أستطيع تدبر الأمر !
قلت :
" سترى ! "
و انطلقت نحو الحديقة ... لم تعد حديقتنا كما كانت في السابق ، خضراء نظرة ... بل تحولت إلى صحراء صفراء جافة ... | |
|
| |
! Lucas dobre كبار الشخصيات VIP
مسآهمـآتــيً $ : : 1325 عُمّرـيً * : : 25 تقييمــيً % : : 40624 سُمّعتــيً بالمّنتـدىً : : 29 أنضمآمـيً للمنتـدىً : : 03/04/2014
| موضوع: رد: رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية 18/5/2014, 1:31 pm | |
| انقبض قلبي لدى رؤيتها بهذا الشكل ... أخذت أتلفت فيما حولي و سيف يراقبني باستغراب وقعت أنظاري على أدوات الشواء التي نضعها في إحدى الزوايا ، في الحديقة كم كانت أوقاتا سعيدة تلك التي كنا نقضيها في الشواء توجهت إليها و أخذت أحفر الرمال ...
" ما الذي تفعله بربك يا وليد ؟؟! هل أخفيت كنزا هناك ؟؟ "
و ما أن أتم سيف جملته حتى استخرجت مفتاحا من تحت الرمال !
تبادلت أنا و سيف النظرات و الابتسامات ، ثم قال :
" عقلية فذة ! كما كنت دائما ! "
و ضحكنا ... كنت أخفي مفتاحا احتياطيا في تلك الزاوية تحت الرمال منذ عدة سنوات ... و أخيرا دخلت المنزل للحظة الأولى أصابت جسدي القشعريرة لرؤية الأشياء في غير أمكنتها ... تجولت في الممرات و شعرت بالضيق للسكون الرهيب المخيم على المنزل ... عادة ما كان البيت يعج بأصوات الأطفال و صراخهم ... صعدت إلى للطابق العلوي قاصدا غرفة نومي ، حيث تركت ذكريات عمري الماضي ... و حين هممت بفتح الباب ، وجدتها مقفلة ...
" تبا ! "
توجهت بعد ذلك إلى غرفة رغد الصغيرة ، المجاورة لغرفتي مباشرة .. مددت يدي و أمسكت بالمقبض ، و أغمضت عيني ، و أدرت المقبض ، فلم ينفتح الباب ... كانت هي الأخرى مقفلة أدرت المقبض بعنف ، و ضربت الباب غيظا ... و ركلته من فرط اليأس ... أخذت أحاول فتح بقية الغرف لكنني وجدتها جميعا مقفلة فشعرت و كأن الدنيا كلها ... مقفلة أبوابها أمامي ... عدت إلى غرفة رغد و أنا منهار ... جثوت على الأرض و أطلقت العنان لعبراتي لتسبح كيفما تشاء ...
" أين ذهبتم ... و تركتموني ؟؟ ... "
أغمضت عيني و تخيلت ... تخيلت الباب ينفتح ، فأرى ما بالداخل ... على ذلك السرير تجلس رغد بدفاتر تلوينها ، منهمكة في التلوين ... و حين تحس بدخولي ترفع رأسها و تبتسم و تهتف : وليــــــــد ! ثم تقفز من سريرها و تركض إلي ... فألتقطها بين ذراعي و أحملها عاليا !
" أين أنتم ؟ عودوا أرجوكم ... لا تتركوني وحيدا ... "
كنت أبكي بحرقة و مرارة و عيناي تجولان في أنحاء المنزل و أتخيل أهلي من حولي ... هنا و هناك ... و أتوهم سماع أصواتهم ... لقد رحلوا ... و تركوا المنزل خاليا و الأبواب مقفلة ... و وليد وحيدا تائها ... هل تخلوا عني ؟؟ هل أصبحت في نظرهم ماض يجب نسيانه ؟ مجرما يجب إلغائه من الحسبان ؟؟ كيف يمتنعون عن زيارتي و السؤال عني كل هذه السنين ... ثم يرحلون ... أخرجت الصورتين اللتين احتفظ بهما منذ سنين من أحد جيوبي ... و جعلت أتأمل وجوه أهلي و أناديهم ... واحدا تلو الآخر كالمجنون ... أبي ... أمي ... سامر ... دانه ... رغد ... لقد عدت ! أين أنتم ؟؟ أجيبوا أرجوكم ...
سيف ظل واقفا يراقب عن بعد ... كنت لا أزال جاثيا عند باب غرفة رغد غارقا في الحزن و البكاء المرير ... حين لمحت شيئا لم أكن لألمحه لو لم أجثو بهذا الوضع ... من بين دموعي المشوشة للرؤية أبصرت شيئا تحت باب غرفتي مددت أصابعي و أخرجته ببعض الصعوبة ، فإذا به قصاصة ورق صغيرة مثنية ، و حين فتحتها وجدت التالي :
( وليد ، لقد ذهبت مع أمي و أبي و دانة و سامر إلى المدينة الصناعية . عندما تعود تعال إلينا . أنا أنتظرك كما اتفقنا . رغد )
لكم أن تعذروا سيف للذهول الذي أصابه حين رآني أنهض واقفا فجأة ، و أطلق ضحكة قوية بين نهري الدموع الجاريين !
" وليد !! ماذا دهاك ؟؟ "
نظرت إليه و أنا أكاد أقفز فرحا و قلت :
" إنها رغد العزيزة تخبرني بأنهم في المدينة الصناعية ! هل رأيت شيئا كهذا ؟؟ "
و أخذت أحضن الورقة و الصور بجنون !
سيف قال :
" عقلية ... فذة ... أظن ذلك ! ! " | |
|
| |
| رواية (رغد.. انت لي) كاملة من البداية الى النهاية | |
|