عاد حامد من مدرسته حزينا يمشى بخطى متثاقلة وقد تملكه اليأس من تحقيق
النجاح فى مادة الرياضيات . انه يعتقد بأنها مادة صعبة ولا يستطيع فهمها . اليوم حتى
قريته الجميلة بأشجارها وارضها ذات العشب الاخضر الزاهى اصبحت فى نظره باهتة
الالوان لا تثير فى نفسه مشاعر النشوة والارتياح مثلما كان فى كل يوم يراها . جلس
تحت شجرة كبيرة وارفة الظلال ساهما شارد النظرات بينما راحت والدته تخرج الخبز
الساخن من التنور الطينى دون ان تشعر بوجوده .. لحظات وانهت عملها وحملت خبزها
منصرفة الى الدار لتعد طعام الغداء . التفت حامد نحو حمامة بيضاء حطت على مقربة
منه واخذ ينظراليها ويتسلى بمراقبتها . كانت منهمكة فى البحث عن طعام هنا وهناك
ثم اتجهت نحو التنور الطينى وقفت لبرهة كأنما عثرت على ضالتها المنشودة . امعن
حامد النظر اليها ورآها جاهدة تجر بمنقارها الصغير رغيفا كبيرا من الخبز ، كانت ام
حامد على ما يبدو نسيته او سقط منها دون ان تشعر .. كانت الحمامة تحاول ان تمسك
الرغيف بمنقارها وتطير به لكنها لم تقدر . حاولت مرارا فلم تنجح حتى بدا عليها التعب
والارهاق . جربت طريقة اخرى بأن تغرز اظافرها المدببة بحافة الرغيف الطرية وتطير
به . وفى كل مرة يسقط الرغيف من بين ارجلها دون ان يرتفع كثيرا عن الارض .. وقفت
الحمامة مبهورة الانفاس لتسترد بعضا من قوتها ثم تعاود المحاولة مرة اخرى دون ان تيأس .
مرت لحظات والحمامة واقفة كأنها تفكر فى طريقة جديدة ثم تقدمت نحو الرغيف
وبدأت تنقره بقوة من منتصفه حتى احدثت به ثقبا كبيرا ومن ثم سحبته ووضعته على
حجر قريب منها ليرتفع قليلا عن الارض وبصعوبة بالغة ادخلت راسها فى ذلك الثقب
فأصبح الرغيف وكانه طوق حول عنقها ، وبكل ما اوتيت من قوة حلقت عاليا والرغيف
معها . لقد نجحت اخيرا . شعر حامد بسعادة غامرة لانها تمكنت من حمل الرغيف الى
افراخها .. ثم نهض متجها الى داره عاقدا العزم على تحقيق النجاح طاردا مشاعر اليأس
والاستسلام ، وقد بدت له قريته بأشجارها الباسقة المثمرة وارضها ذات العشب الاخضر
الزاهى وطيورها السابحة فى السماء غاية فى الروعة والجمال .
:اسـفة:: :اسـفة:: :اسـفة:: :اسـفة:: :اسـفة:: :اسـفة:: :اسـفة:: :اسـفة:: :اسـفة:: :اسـفة:: :اسـفة:: :اسـفة::