** الفَصل الثانِي **
مرَة اُخرى أشَارة بإصبَعهِ .. ادار ايَاتو وجههِ و قد أطلق تنهيدَه قويَه .. اخيرًا اغلق باب غرفته و خرج معَه اخذ ليونيل
يسبقه ببضع خطوَات اَمامه و ايَاتو الذِي عقد ذراعيهِ خلق رأسهِ و عينَاه تتجولاَن فِي المكان بدون مبالاَة .. إلى أن وصلاَ
وتوقفَ عند باب .. توقف اياتو خلفه هو الاَخر حملق في الباب لبرَهة .. وفجأة اِنفتح وَ ظهر امامهمَا ذاك السيد المدعو
-ميولاَو- بإبتسَامَة عريضَة , اَشعرت ايَاتو بالإستفزَاز , اَشَارَ لهمَا بالدخوُل و اَخذ كل واحدِ منهمَا كرسيْ امَام مكتب ذاك
السيدِ الذِي جلسَ فِي كرسيهِ .. ظل ايَاتو يلَوِح بعينَيهِ انحاَء ذلك المكتب الذِي كان مرتبٌ بشكل ملحوُظ فِي حينَ انَه لا يمكنكَ
رأيت ايُ كتابْ ممدوُد اَو جزء من الغبرَه مع اَن ايَاتو لم يلتقِي مع اَي خادمَ فِي المنزل .. هل يمكن أن يكوُن انه قَام بذلك
كلُه لوحدِه ؟ مع كل احَاديث والدتهِ التِي تُلٌمِح بأنه رجل اعمَال مشغوُل ودومًا غارقً فِي عملهِ .. كان يفكرْ فِي ان يكوُن مكتبَه
فِي موقفِ همجِي دومًا , عدٌل من جلستهِ وهو اخيرًا ينظر لذلكِ السيد الذِي كان في أنتظار أن يتلقى اهتمامِ و مما جعل ايَاتو
يفزع ويلاَحظ انَه كانتِ عينَاه تحدقَان فيهِ طوال الوقتِ .. لم يشعر ولو لذرَه ان كاَن ذلك قلٌة اِحترَام منهِ وبعد كل تلكَ الدقات
الطويلهَ واخيرًا اِستفتَح فِي حديثهِ وبدأ يحدثٌه على انه حرُ كامل الحريَة بتصرفِه فِي القصر من اَي ناحيَه كانتِ .. وان عليهِ فقط
أن يستشيرُه فِي بعضِ من قرَارتهِ التِي تجعلَه امَامه كمنصبِ والدِ لَه حينهَا استطرَد بقولهِ انه رَغبَ بمقابلتهِ فقطِ حديثًا من اَجل
درَاستهِ , جعلَ ذلك من ايَاتو يرتَاح قليلاً ويخمِد نارَ الفظوُل فكل ما كانَ السيد يتحدث إلاٌ انه يشعرُ انه لحدِ الاَن لمِ يدخل فِي
صلبِ الموضوُع شَعر السيدِ ميولاَو انَه اخيرًا يأخذ اهميَة لكلاَمه ويصغِي إليهِ بإهتمَامِ .. اَخبرَه بأنه سوفَ يشَارك نفسَ المدرسَه
التِي يرتَادُهَا ليونيلِ .. او كمَا ناداَه والدِه ليوُ .. لم يفصلِ ذلك إهتمَامَه كل مايريدِه وسَعيدُ لأجلهِ كونهِ سيدخلُ مدرسَه فيهَا بشريينِ ..
اَخبرَه بكل ماعليهِ أن يلتزِم بهِ بعدَ أن قررٌ ان يدخلِ هذِه المدرسَه ولكنْ أن تجاَوز العاَم الثَامنَه عشرِ وبدَأت وحشيَتُه نحوَ الطلاَب
البشريينِ سوفَ يفصل كمَا هيَ حاَل كريتوُ و اَكاَي .. إلاَ اَن ايَاتو لا يظنُ انَه سوفَ يقوُم بذلكِ ختِم كلاَمه بأنَه لو ارَاد الإستفتَاء
عن اَي شيء بخصوُص تلكَ المدرسَة عليهِ التوجُه إلى ليونيل , فَطِوَال تلكَ الجلسَة كاَن ليونيلِ يأخذ طرَفُ من الحديثِ يوضحِ فيهِ
بعضَ الاُموُر المبهمَة و لم يشعُر ايَاتو بالملل ابدًا خلاَل تلكِ الدقَائِق ... فِي موضوُع الدرَاسَه كاَن يهتمُ إهتمَامِ شديدِ بذلكَ الجَانبِ
حتىَ كلمَات ليوُنيلِ كانِ ينتقيهَا بوضوُح حرفًا حرفًا مما جَعل ليوُنيل يحتَار من اَمرِه .. قبل ان حادثَه اولُ مرَه كيفَ كان والاَن كيف
ابدَى إهتمَامًا كبيرًا بهِ .. أفقطِ لأنه امَامَ والدُه ؟ لاَ , شَعر أن هذِه النظريَة ليستِ صَحيحَهِ .. إلا أنه اجزَم اَنه على كل حَال لن يكوُن اذكَى مِنهِ
فِي صبَاح اليَوم التالِي , لبسَ الزي المدرسِي وقفَ أمام المرأَة يُلقِي نظرَه على شكلِه الجَديدِ .. أحسَ بنوعِ من الغرَابهِ ؟ أتَى فِي
بالهِ لقطَة رأيتهِ ليونيلِ وطريقَة تصفيفَة شعرِه حَاول أن ينظِم نفسَه هوَ الاَخر لمِ تمُر إلا دقَائق و قد رمَى المشطَ من يدِه بعيدًا وضغطه
مرتفعٌ .. حَمل حقيبَة مدرستهِ متدليَة على ظهرِه و خرَج من تلكَ الغُرفَة مشَى إلى اَن يَصل إلى بوَابة القَصر .. لمَح سيَارة فخمَة سودَاء
مركوُنةَ امَام البَاب .. لم يهتمِ لهَا ووَاصل طريقُه فُتِحت اِحدَى زُجاجاتِ تلك السَيَارة طلٌ منهَا رجلٌ بنظارَة سودَاء يطلبُ مِنه الركوُب ,
اِحتار ايَاتو منِ اَمره .. إلا اَنه عادَ ورائًا وليجِد البَاب مفتوٌح اماَمه وقف لبرُهة وهوَ يلاَحظ مدَى إتساَع المكاَن و انتبهِ ليونيلِ الذِي جلسَ
على الأريكَة يمسكُ كتابًا بينَ يديهِ يقوُم بقرائتهِ ارتجلَ هو الاَخر وجلسَ فِي مكان بعيدًا عَنه بخطوَات وهوَ يلتفتُ للنافذَة ......
وصلاَ و نزَلا كلاهُما من تلكَ السيَارة .. وجدَ ايَاتو نفسَه امَام بنَاية ترتفعُ معهَا بؤبؤ عينيهِ .. يلٌف حولهَا الزجَاج من اَي جانب .. وجدَ
نفسُه فِي تلكَ السَاحة الواسعَة المليئَة بالطلاَب فتيَانِ و فتيَاتِ .. كل من مجموُعة تتجادبُ اطرَاف الحديث خيِل لَه وأنُه لابد ان أحدهمِ
طالبُ جديدِ مثلهِ , وقفَ أمام لوحَة ليستِ بطويلَة حاول معرفَة مكَان صفِه كانتِ عينَاه تتجولاَن فِي تلك القوَائم البيضَاء المعلقَة ملأتهَا
الكتابَات , فاجأه صوتٌ من ورَائهِ
_صفك فِي الطابق الخامس ويمكنكَ الذهابُ إليه من ذاك المصعَد
إلتفٌ اِليه مستغربًا ويجدُه فتىَ قَصيرُ عليهِ قليلاً و بإبتسَامة ترتسِمُها شفتيهِ وانتبَه اخيرًا لقولهِ المصعَد .. هل يعقل التجوَال فِي هذِه المدرسَة
بالمصَاعدِ ؟ ولكن ما أستغربَ مِنه كيفَ علمَ مكَان صفِه ؟ وهوَ لم يلتقيهِ أو يحادِثًه أصلاً ..
_ربطَة عنقكَ حمرَاء ممَا يعنِي أنكِ من الطابقِ الخامس أي من صفِ الثالثِ أو الرَابع .... ايَاتو
كمَا يبدوُ أن الفتىَ قد قرَأ تساؤلُه بدوُن أن ينطقَ بحرف وبدَى يوضحِ .. ولكن ايضًا هذه المرٌة تلفظَ بإسمهِ .. انتبهَ لوجوُد قصَاصَة صغيرَة
على سترَة ذاك الفتىَ -يوشين كيري- أنحنى رأسه إلى حدِ يجعلَه يرَى بطاقتُه وطبعتِ عليهَا إسمُه .. لم ينتبهِ حتى على أن اِسمه مركوُن
في تلكَ الزاويَة من سترِته .. شعرَ بأن أمامَه مشوَار طويل فِي هذه المدرسَة من الان بدأ عقله لا يستوعب هذه الأمور .. تجاوز الفتى
بسرعة متجهًا إلى ذاك المصعد .. تجوٌلَ فِي تلكَ المنعرجَاتِ لدقَائقِ حتى التقىَ بقِسمهِ اخيرًا , فتحَ البَاب كَمٌ هاَئل من الطلاًب و الاحَاديث
تتعالَى , رائحَة البَشريينِ تفوُح بشرَاهَة وعنفِ قَويِ , تذكرَ اَقوَال ذاكَ السيدُ ميُولاَو ... مَشت عينَاهِ فِي الأنحَاء تبحثُ عن مكَان يستَوطِنُ
فيهِ , وجدَ المقعَد شَاغِر فِي الصفِ أخذَتُه رجلاَهِ إلى وِجهَتُه , جلسَ بهدوُء طَفيفِ شعرَ بإنزِعَاج طفيفِ من كثرَه العيوُن التِي تُحملِق فِي
شكلهِ والأكثر مِنهم الفتيَاتِ , التوَت شفتيهِ وأشَاح بناظريهِ اِلى الزجَاجَة التِي بجانبهِ من الجهَة اليُسرَى .. كانتِ المسَاحَة أسفلُه فارغَة
إلا بعضً المارينِ من الأساتذَه ببزاتهمِ الرسميٌه لم يتخذوُا أمكانهمِ بعدِ ,, بعدَ دقائقِ معدودَهِ دخلَ رَجلُ بمأزَرِه الأبيضِ ومحفظَة سودَاء
يحملُ فيهَا حاجياتُه .. اتجَه إلى مكتبهِ انتبهَ إلى الورَقةِ التِي على مكتبهِ .. أخذهَا بيدِه وهو يمرر بؤبؤ عينَاه للحظاتِ ومن ثمٌ اردَف بعدَ تفكيرِ ..
_اِذًا لدينَا طالبُ جديدِ أهلاً بكَ .... ايشيروُ ايَاتو , وكمَا هيَ العاَدة الانسَة ياسو غائبَة
وقفَ ايَاتو فِي مكانهِ وهوَ ينحنِي ببطء لأستَاذِه هو زٌملاَئهِ , لمِ تمضِي ثوانِي عديدَه وإلا قد بدأ الدرسِ بدَأ الجميعُ منهمكًا فِي المعادلاَت
الريَاضيٌة أمامَهمِ .. كاَن زيهمِ الرسمِي جميعًا باللونِ الأسود .. عليهِ خطوُط علىَ الحوَاف بيضَاءِ , الفتيَات بتنورَات مافوقَ ركبتيهِن
و الشُبَانِ بسرَاويلِ سودَاء وتختلفُ فقطِ ألوَان ربطَة العنقِ على حسبِ صفِ كل واحدِ منهمِ .. الجميعِ يعتنِي بهندَامُه بشكلهِ الذِي يريدُه
طبقًا للزِي , ويبقىَ ايَاتو الذِي يترُك ربطَة عنقهِ مفتوحَة ملتويٌة حول عنقهِ .. حينمَا دقت السَاعة العاشرَهِ خرجَ الجميع للإسترَاحَه ..
كاَن يمشِي على هوَاه فِي ذلك المبنَى الضخمِ ,, فكرُ فِي أي زاويَة قد يكوُن ليونيلِ فيهَا , فقد فارقُه من وهلَة دخوُله إلى هذَا المكَانِ ..
دخلَ إلى السلُم الكهربَائِي ضغطَ على زِر اَخر طابقِ الذِي يَحملُ رقمِ عشرِين .. وجدَ نفسُه أمَام بابِ وَحيد فتحُه صفعتُه الريَاحِ , أدركَ
أنه فِي السطحِ .. شعرَ بأنه مَكان مُريح بمَا أنه لاَ أحد هُنا , إلا أنه وجدَ نفسُه مخطِئ عندمَا ظهرَ ظِلُ شخصِ مافِي ذاكَ البُعد ,
حاولت عينَاه أن تتعرفَ على صاحبِه إلى أن أنتبَهَ فتاهِ تخرجُ من تلكَ الزاويٌة , تحمِل كتابًا صغيرًا على يدهَا مُنهمكَة بالقراءَة
خصلاَت شعرهَا الأسوَد الداَكن قد غطَت ملامِحهَا , أخذَت رجلاَه تتقدمَان بلا وَعي مِنه أحسَ بشعُور مبهَمِ , .. ما إن قطَع تلكَ المسَافهِ
, وكاَن قريبًا منهَا جدًا .. قطَع تفكيرُه صوتُ رنةِ العودَه اِلى الأقسَامِ .. أغلقتِ الكتاب فجأة وهيَ لم تشعر أبدًا بوجوُد احدِ خلفهَا ,
شعرتِ بأن ليسَ عليهَا تفويتِ هذِه الحصَة ايضًا بسبب المَلل الذِي يخالجُها فِي كل لحظَة التفتت وهيَ تحَاول أن تنطلقُ جَريًا للأسفل ,
فتوقفتِ فجأة وقد توسعَت عينَاهَا وهيَ ترَى ذاَك الفتىَ أمامهَا , كانتُ يبدوُ عليهَا أنهَا شاردَة وهي تتمتمِ بكلمَات مُبهمَة
_أيعقَل أن فَارِس الروايَة قد ظهرَ على الحقيقة ؟ هل أنَا أرَاَه فعلاً أم أتوهَمِ ؟
بادلهَا ايَاتو نظرَات الإستغرَاب .. وجهتِ رأسهَا فِي كلاَ الجهتينِ فجأة وبسرعَة نافيٌة وبصوت عالِي مبتعدَة عنه وتتجاوزًه .. أردفتِ :
_لاَبد أنِنِي تأثرت كثيرًا بالروًاية عليٌ أن أخذُ استرَاحَة عن القراءَة قبل أن اَقع فِي عشقِ شخصيَات خياليٌة
وضعَ ايَاتو راحَة يدِه فِي رأسهِ وهوَ يحاولِ أن يفهَم مايحصلُ حولهِ ؟ , لحِق بهَا بخطوَات متجهًا الى الباب الذِي أتىَ مِنه , عائدً
إلى قسمِه , التقىَ بهَا فِي المصعَد وهيَ تتحاشَى النظرُ إليه ذهبَ ليضغطَ على زر الطابقِ إلى أن إبهاَمه توقفت فجأة عندمَا تذكرَ
أنه قد نسيَ رقم الطابق , شعرَ بالخيبَة وبكلمتينِ طلبَ منهَا أن تقومِ بالضغط على الزرِ بنفسِهَا فلم تتردد فِي ذلك , ظلت تحمِل
الكتاب بينَ يديهَا وعيناهَا تنتصبَان فِي الأرض وأمَا هو فقد كان غير مُهتمِ يلوُح بعينيهِ فِي أي مكَانِ , سَاد الصمتُ الى أن توقفَ
المصعَد فِي الطابق الخَامسِ , غمرتُه السعَادةَ عندمَا تذكرَ أن قسمُه فِي هذَا الطابق .. خرجَا يمشيَان بنفسِ الوتيرَةِ , إلى أن وصلاَ
إلَى باب الصف , جلسَ فِي مكَانه مثلِ الصبَاح وتوقفت هيَ تحادثُ نفسهَا ,
_تبا وهَاهو ذا الفارسُ قد أخذَ مقعدِي
, فجأة وهيَ تسمَعُ صوت حادِ من خلفِهَا ..
_اَنسَة ياسوُ , ماكَان ليأخذ مكانكِ فِي كل مرَة لو كنتِ ملتزمَة بحضُور كل الحِصصِ .. فالتأخذِي المقعَد الذِي أمَام الذِي كنت تجلسينَ فيهِ
, من حظِك أن صاحبُه لم يأتِي اليَومِ .... فكمَا تعلموُن من يغيبِ بدوُن أن يُعلمِ الإدارَه كمَا وأنه قد أنسحبَ من الثانويٌة بنظرِنَا
بدوُن أن تُلقِي لكلاَمَه أهميٌة أخذتِ مقعدَهَا أمامَ ايَاتو , حملَق ايَاتو لِبرهة متسائلاً عن السبب الذِي قد يجعلُها تغيب عن الحصصِ ..
كانت تبدوُ صامَتة طِوال الحصَة تارَة تكتب كلمَات مبعثرَة فِي ورقة بيضَاء وتارة اُخرى تدخل كتابًا وسط كتاب المدرسَة وتقوُم
بالقرَاءة دون أن يلحظهَا الأستَاذِ .. , اعلَن جَرَسُ المدرسة عن وقت الخروُج , حمَل كتُبه و همٌ بإدخالهَا فِي حقيبَتُه , فجرٌت الفتاة ذو
الشَعر الأسود الكٌرسِي الذِي أمامُه بقوَة , رفعَ رأسه ايَاتو ليجدِها امامهُ بعينَانِ حادتَانِ ممزوجَة بغضبِ اُنثوِي .. اردَفت قائلة بصوتٍ مُترددِ
_اريدُ استَعادة مكاَنِي غدًا اَيٌها ... الفَتى
خرجت شبُه سريعة وهي تضربُ رجلهَا فِي الأرض وقد ظهرتِ فِي ملامحهَا شيء من الخَجل , أرسَلت تنهيدَة قويٌة وأزاحتِ
تناثرَات شعرهَا الأسود عن وجنتيهَا وأكملت طريقِها , اِحتار ايَاتو فِي أمرِها إلا أنه لم يُبلِي لها أي إهتمَام سرَق محفظُته من المَقعد
وخرَج هو الاَخر , وصَل اِلى باب الثانويةِ ليَجد السيَارة السودَاء فِي انتظَارِه , خَرج رَجل منهَا بنظارتِه السودَاء وفتَح البَاب معلنًا
انتظَار أن يركَب ايَاتو . تنحَى قليلاً ودخَل إلى السيٌارة , لم يُمضِي وقتًا طويلاً إلا وقد وصَل إلى القَصر خرَج من السَيارة وإذ بإمِه
تلاقيهِ فِي المَدخل والحَارسَان يطلبَان منها الدخوُل وأن ليسَ عليهَا الإنتظَار هُنا فهمَا سيطلبَانه فورَ قدوُمِه , إلا أنها كانت ترفضُ
بشدٌة بقولِها أنها معتَادة على اِستقبَالهِ , أمسَكت عن الكلاَم عند رأيتِها لإبنهَا وقد ظهرَ أمامهَا , تجَاوزت الباب معَه وقد اِبتسَمت
ابتسامة ضئيلة ليونيل , فهي لا ترغبُ بإن تجعلُه يُفكر بأنها تتجاهلُه , أخذَت عنه سترتُه وقد أتت الخادمة سريعَة من الروَاق
محاولة أن تَعتذر على تأخرِها وهي تحَاول اِخبَار الأم على أنها بإمكانها القيَام بكل شيء والإعتناَء بالسيد ايَاتو , إلا انها لازالت
ترفُض ذلك , وابنُها الذِي يوٌجه ناظريهِ إليها فقطِ متفاجئُ من كل هذَا الإهتمَام و الحُب الذِي تظهرِه له , وقد باتت تزعِجُه ..
_سيدِتي , إن الخَادمة على حقِ عليكِ الذهاب للإسترَاحة والإسترَخاَء فسوفَ تتولَى القيَام بكل شيء .... ثم إن اِبنَكِ كَبيروبإمكَانهِ الإعتنَاء بنفسهِ
واصَل كلمَاتِه الأخيرَة بعد صمتِ طفيف , انتبهتِ الأم لمصَدر الصوت لتَجد ليونيل يحَادثُها بجشعِ وهو واقف بلاَ حرَاك والخَادمة
الأخرَى تنزَع عنُه سترتُه وتُعدل مِن شَعره وهندَامهِ , كانتِ سوَف ترُد عليه لولاَ أن اِصبَع اَيَاتو قد وضعُه على شفتيهَا محاولاً اِسكَاتِها
, ادرَكت والدَتُه أنهُ مايحَاول قولُه أنه ليسَ عليهَا الرٌد عليهِ وهوَ بالأخير لا يريدُ ايَادِي الخادمَات أن تلمِسَ جسَدِه , ازَاحت بعينيهَا متجَهة
ليونيل بعيوُن هادئَة ومُبتسمَة وكأنها تَحاول شُكرِه على الأمر , لكنها تريدُ أن تتولَى الإعتناَء به بنفسِها .. واكملت طريقِها مع ايَاتو
نحوَ غرفتِها .. اظهرَ ذاك الولد الشقيْ ليونيل نظرَات الإشمئزَاء و الإستفزَاز , وقد لاَح بيديهِ ودفع الخَادمة عنُه بعيدًا , وصلت اِلى غرفتِها
المنسقًة بإعتنَاء شديد وكان للمرَة الأولى التِي يدخُل إليهَا , لاَحظَ وُجوُد كل ماحولُه يوحِي بأن ثنائيَان يتشاركَان الغُرفة والى الفِرَاش
الذِي منبَطح على السرير تفوُح منه رَائحة ذاك السيٌدِ عَلم أنه لاَوجوُد لذِكرَى لوالدِه بين هاتِه الجدرَان وقد اختفتِ ملامِحه التِي كان
يرَاها فِي غرفة أُمه السابقةِ و الخزَانة التِي كانت تحوِي ثيَابُه التِي تم تصنيفُها بإعتنَاء بيدي والدتِه والتِي عندمَا كان صغيرًا حالمَا
اشتاق إليه ذهبَ مُسرعًا إليهَا ولكن الاَن , الان غير ذلك رَجل اَخر هناك شيء من بقَايَا جسَدِه وروُحهِ وملابسُ اخرَى مكويٌة بيديْ خادمَة
خاصة بهِ وتناثرَات احذيَة سودَاء لامعٌة على جانب باب الخزانة , كل شيء قد تغير كل شيء , لم يَعد يرَى والدُه فِي أي مكَان ولا
الصورَة الصَغيرَة التِي كانت تضَعُهَا أمُه بجانب سريرِها . انغرَسَت ملاَمح الألم فِي وجهه و الذكريَات تلوُح فِي ذاكرتِه وأن كل ذلك لم
يَعد موجودًا بعد الاَن , يحتَاج لرأيت والدِه حالاً و ان يُربتِ علىَ كتفِه و أن يخبرُه أنه ليسَ عليه أن ينسَى والدُه , لاحظَت والدُته ذلك
اتجهت إليه و تتلفظُ اِسمُه بغصٌة .. وأوقفهَا بكلماتِه وهو يُدير ظهرَها إليهَا
_إن أردتنِي فتعالِي إلى غرفتِي , لا تطلبينِي اِلى هُنا مُجددًا
مسَك مقبضِ الباب بعنفِ وخرَج منهَا سريعًا , اِلتقَى بسيدَة فِي الروَاق وتبدوُ فِي أتم سعَادتهَا تلاقت نظرَاتُهما سويٌا بسرعَة
خاطفَة ووَاصل طريقُه , توقفت تلك السيدَة فِي باب مَكتب ميولاَو .. ظمت اصَابع يديهَا على شكلِ قبضة وهي تطرقُ الباب
_ميولاَو , ميولاَو ايمكننِي الدخوٌل لقد عدتُ يا عزيزي .. ميولاَو
-نهايةةِ الفَصصلِ-